كنت غير مقتنع بحجج من يرى أنه يحمي الشرف وهو في بعض تصرفاته يفضح الشرف. ولكنني كنت متردداً في الحديث عن هذا الموضوع حتى أصون سمعتي من أن يخدشها المتحفزون إذا لمست الخطوط الحمراء في مفهومهم. إلا أن هذه الزلزلة التي ارتجت لها المنابر والانترنت والمجالس والصحف عندما أرادت الدولة أن تؤمن للمرأة السعودية العمل الشريف وأن تصونها من نظرة الرجال غير المحارم. وكذلك استدعت ذاكرتي مقابلة سمعتها في إذاعة لندن منذ عدة سنوات مع بنت شيخ قبيلة شاعرة ومثقفة في دولة مجاورة هي رحم العرب. ذكرت قصة محزنة وبها فائدة للذكرى: في السابعة من عمرها حاولت أن تكتب قصيدة غزلية فأطلعت والدها الشاعر والفقيه وشيخ القرية لتصويبها. فتحركت عنده الغيرة على الشرف من اللاوعي البعيد حتى تضخمت لدرجة أنه بعد أن سامها سوء العذاب حفر لها قبراً لدفنها وهي حية إلا أن خالها تدخل. ثم حبسها في البيت ومنعها من المدرسة ثم غربها حيث زوجها وهي بنت التاسعة لأحد أبناء القرية الذي يعمل في السعودية والذي هو الاخر متضخمة عنده غيرة الشرف فعذبها لشك فيها بأثر رجعي. ثم رجعت إلى والدها بعد هذه الرحلة من العذاب. ما أعجبني قولها لوالدها (والله لو أن الشرف شرفك لهتكته مما فعلت بي ولكنه شرفي أنا ومرتبط بي أنا والناس سيقولون شرف ابنة فلان ولن يقولوا شرف فلان فشرفي بضعة مني وأنا الذي أحافظ عليه محافظتي على حياتي وأي تعد عليه هو تعد على حياتي. عندما سمع منها والدها هذا القول احتضنها وبكى بكاءً كاد أن يلفظ أنفاسه، وقال افعلي ما تشائين. وخلصها من الزوج الشكاك وأخذ يراجع لها القصائد ويحضر لها أمهات الكتب في الأدب).
لا أجد مبرراً لا ديناً ولا عقلاً ولا عادة وعرفاً من وراء هذه الضجة الكبرى التي أقامت الدنيا ولم تقعدها. ولم يفعل ولا 10% مما فعل مع من مسّ كرامة الرسول صلى الله عليه وسلم. دعونا نناقش هذا الفهم وهذه الثقافة بهدوء في مختبر تجريدي بعيداً عن الاتجاه ذات اليمين وذات الشمال.
1- هل هي غيرة على عرض النساء السعوديات؟ ونقول لمن يرى هذا القول أتأمن على نساء المجتمع أن يذهبن إلى محل به رجال أجانب. وقد يكونون غير مسلمين وبمواصفات خاصة ليبيعها مستلزماتها الخاصة والخاصة جداً تستحي أن يراها والدها أو أخوها أو محرمها أو يحضر لها هذه الأشياء أم أن تذهب إلى بائعة أنثى من جنسها. أرجو أن يصدقني القارئ لأنني لم أشتر في حياتي المستلزمات الخاصة لزوجتي أو بناتي ولم يطلب مني ذلك. إنني أحتكم إلى القارئ بمن فيهم من يفتعلون هذه الضجة أنفسهم هل لو خيِّـر أحدهم أن تذهب أسرته إلى رجل من أولئك الرجال المذكورين أم إلى امرأة تبيعها حاجياتها الخاصة ماذا يفعل. أنا متأكد أنه سيفضل البائعة الأنثى على البائع الرجل. ولو خُيِّـر أن تذهب زوجته أو ابنته الطبيبة أو العاملة إلى عملها في منتصف الليل مع سائق أجنبي من ذوي البشرة الصفراء والشعر الحريري أو أن تسوق هي سيارتها بنفسها محكماً عقله قبل دينه سوف يقول تسوق ولا تذهب مع الأجنبي. لماذا لا نثق بالمرأة العربية أولاً والمسلمة ثانياً على شرفها ولماذا نصادر عليها حقها في المحافظة على عفتها وعلى ولي الأمر قيوميته ونعمل بالوكالة نيابة عنه؟ هل هذا أمر رشيد يقره الدين والعرف..؟
2- هل هذه الضجة طموح جامح بلا قيود للتسلط وحب المرجعية والإعلان بالصوت العالي «نحن هنا».. هل هم يريدون أن يكونوا أصحاب التأثير، أعتقد أن الأمر لا يخرج بعيداً عن هذا التفسير.
3- هل الأمر معارضة لشخص الدكتور غازي لأنه نظيف اليد وطني الطوية يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، صاحب مبدأ وشجاع في ثباته على المبدأ. عندما كان وزيراً للصناعة والكهرباء وصلت الكهرباء جبالاً لم تصلها حتى الحمير. صحيح أن هذه إرادة القيادة ولكن غازي وزير من ضمن خمسة وعشرين وزيراً. وعندما كان وزيراً للصحة لم يعرف الجلوس على كرسي. مكتبه الطائرة أو السيارة وكل يوم في مدينة. عندما كان سفيراً تحولت السفارة إلى ناد لكل المواطنين، هل نسيتم معركته (في عين العاصفة) هل نسيتم شجاعته الوطنية مع من أراد أن يركب الموجة.
أقلـــــــوا عليهم لا أبا لأبيـــكم
من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا
اتركونا وربنا فنحن برحمته لا بأعمالنا. ولا تستعجلوا المواجهة مع الوطن والمواطن دفاعاً عن ولايته على أسرته ومحارمه. خاصة وأن القيادة واعية كل الوعي لمن أراد أن يوقف الخيارات الوطنية وقطار التقدم والتعايش مع العالم.. وما توفيقي إلا بالله.
ibensunitan@hotmail.com
من يحمي الشرف؟ لماذا القصيبي في مرمى القوس دائماً ؟
10 يونيو 2006 - 20:12
|
آخر تحديث 10 يونيو 2006 - 20:12
تابع قناة عكاظ على الواتساب