لعله عشق الماضي و لعلها ذاكرة الأمس. حينما كان أهل قريتي ينصتون للعالم من خلال المذياع. كانوا يتجمعون بكل دفء.. في المساء حيث يتحلقون حول الشاي الأخضر.. هنا إذاعة لندن! (هنا صوت العرب.. وعدن.. وغيرها) مما يلتقطه المؤشر من محطات. كان الراديو قديما فاكهة.. وكان من يتفرد بهذا الجهاز هو من يتفرد بحب الجميع.. وقرب الجميع.. وإعجاب الجميع. إنه الراديو حينما فتحت عيني وصيانة الراديو حينما بهرت من بعض قطعه.
والدي كان متخصصا في إصلاح أعطال الراديو. و كان مشهورا بذلك رغم انه لم يتعلم حرفا و من هنا نمت الهوايات و ترعرت الموهبة.
(الكابتن البحري- عايل أحمد صهلولي) انهمر مستعذبا الحديث عن إرثه (اليوناني) من تلك ألاجهزة القديمة
والحكاية:
هذه مجموعة من أجهزة الراديو و المسجلات لم تأت إلى شقتي البسيطة إلا من فترة.
فمع شغفي بجمع مثل هذه (التحف) إن صح التعبير صرت معروفا لدى الأحبة وبعض الباعة في حراج الصواريخ بحيث كلما عثروا على أي من هذه الأجهزة اتصلوا بي، و من هذا ما حدث معي قبل فترة من الزمن حينما أبلغت أن هناك شخصا ( يونانيا ) لدية كمية من هذه الأجهزة التي جمعها من مناطق متعددة من العالم و على مدى ثلاثين عاما.
ويبدو أن الرجل أراد التخلص منها فقرر بيعها ولهذا عندما ذهبت إليه وجدت أنني أمام كنز مميز نظرا لكون بعض هذه الاجهزة موغلة في القدم.
فمنها أجهزة تعود لما قبل الحرب العالمية الاولى وبعضها قبل عام 1923.
ولدي جهاز راديو من نوع ريجنتون وآخر من نوع كلاروس ارميك.
واهم من هذا وذاك لدي جهاز نادر يسمى «بصوت العرب» وقصته انه كان يصنع ايام الجمهورية العربية المتحدة وكان ينتج في المصانع الحربية بترخيص من شركة فيلبس.
وهناك جهاز نوع كرونديغ وهو عبارة عن جهاز بيكم وراديو وهو رائع جدا ولدي كاميرات قديمة بولارويد ولها اكثر من ثمانين عاما وبعض المنحوتات الخشبية النادرة جدا واقتنيت الجنابي والسيوف الضاربة في القدم.
أما عن آخر جهاز اشتريته فهو قديم جدا صنع الماني كرونديغ ومازال يعمل بنقاوة ووضوح باشرطة الكاسيت نوع كاتريج وقد ظهرت قبل الخمسين عاما.
وجهاز فيلبس بريطاني صنع عام 1951.
ومن المجموعة جهاز كتبت لوحته باللغة العربية وهو نوع نادر جدا وهو مع بدايات اذاعة جدة.
وآخر نوع تيليفونكن الالماني الشهير في ذلك الوقت
واجهزة هولندية وامريكية حتى ان بعض القطع ادهشتني فهي صنعت من مادة الفايبر والخشب وهي في غاية الدقة من الناحية التصميمية.
ولدي بالمناسبة جهاز (فونو غراف) وهو الاندر من بين تلك الاجهزة حيث مخارج الصوت فيه مصنوعة من الخشب و كما هو معروف أن تاريخ اختراع (الفونو غراف يعود لعام 1877 ميلادية).
الكابتن (عايل) يتوقف فجأة وهو يقول:
أنظر.. هذا أحب الأجهزة إلى قلبي.. نظرا لتصميمه الخشبي النادر والرائع، صدقني هذا من الأجهزة التي يمكن اقتناؤها فقط (كديكور) أو تحفة أثرية لها هذا الابداع المميز.
والهواية بالنسبة لي لم تتوقف عند أجهزة الراديو أو المسجلات فقط وإنما امتدت الى القطع الأثرية الأخرى ( فوانيس آتاريك، سيوف، مظلات، فديو هات، كما أنني احتفظ بأكثر من سبعة الاف شريط كاسيت وأسطوانات (البيك أب) بعضها يعود لحقبة الأربعين عاما ولازالت تلك الاشرطة بحالة ممتازة، فهذه أسطوانة قديمة جدا تعود لشركة (ابراهيم اخوان) وهي شركة كانت متخصصة في ترويج هذه الاسطوانات في ذلك الوقت و كان مقرها البحرين – شارع خليفة بالمنامة – طبعا هذه الشركة انقرضت و انتهت مع انقراض (البيك أب) و هذه الاسطوانات.
يسترجع ذاكرة الأجهزة :
الصهلولي : متحفي إرث يوناني
18 سبتمبر 2008 - 20:32
|
آخر تحديث 18 سبتمبر 2008 - 20:32
الصهلولي : متحفي إرث يوناني
تابع قناة عكاظ على الواتساب
آدم فلاتة– جدة