ربما يقضي الكاتب وقتاً طويلاً يشحذ ذهنه بهمة عميقة بحثاً عن خاطرة جديدة يستودعها الورق. فقبل أيام مررت بتلك الحالة كالعادة؛ فاهتديت إلى أن يكون حديثي اليوم عن نصف المجتمع (المرأة)، لما لها من دور حيوي نبيل في بناء الوطن والمجتمع، فهي التي تلد وتربي نصفنا الآخر، وهي الشريك الأساس في الحياة، وعليها تقع مسؤولية تربية الأجيال التي تشكّل المستقبل.

المرأة قوة أساسية في بناء أي مجتمع وتماسكه واستمراريته، وتستحق الوقوف لها احتراماً وتقديراً، أقول هذا من باب أمانة الكلمة، فالمرأة لنا الأم والأخت والزوجة والابنة والمعلمة والمربية، فهي ليست نصف المجتمع فحسب بل المجتمع كلّه.

إنها المرأة التي كفل لها ديننا الحنيف كامل حقوقها المشروعة دون تمهيش أو مصادرة (زواج، عمل، ميراث، ....)، إلا أنه لا يزال يصل إلى الأسماع حالات تسعى للالتفاف على هذه الحقوق بأساليب ليست حضارية ولا إنسانية، إذ ينظر إلى المرأة بدونية لا تتفق مع الدين والعقل والأخلاق، وتلك حالات شاذة لا تمثل إلا ضيق وثقافة وعقليات أصحابها. ولعل المتفحص للقضايا الواردة لمكاتب لجان الإصلاح وأقسام الشرطة والمحاكم؛ يقف أمامها واضعاً رأسه بين راحتي كفيه، لما تحمله من حالات مؤسفة مأساوية صنعتها مفاهيم وعادات وتقاليد بالية.. أشير هنا إلى شيء من عناوينها دون الدخول في تفاصيلها؛ مثل:

ـ امرأة تعثرت في الحصول على إرث والدها أو زوجها في زحمة الأطماع المحيطة بها من بقية الورثة الذكور الذين يرون في حصولها عليه معيباً.

ـ وأخرى عضَلها وليها طمعاً في راتبها، أو بسبب تفاصيل مواصفات النسب أو لعدم تطابق فصيلة الدم القبلي، والنبش في بعض الحِرَف المهنية وازدرائها.

ـ وثالثة تأخر كثيراً حصولها على عمل نقي مباح بسبب عقدة الشك والريبة.

ـ وطفلة انتهكت طفولتها بتزويجها بمن هو في سِن والدها طمعاً في ماله.

أخيراً

تلك المعضلات تستحق منا النظر إليها بموضوعية، وبما يتفق مع سماحة ديننا وعدالته، وبما نمتلكه في وطننا الغالي من عدالة اجتماعية، وبما جاءت به «رؤية 2030» من تمكين المرأة بزيادة مساحة مشاركتها في سوق العمل، وتعزيز دورها القيادي والريادي في مختلف المجالات التي أثبتت فيها نجاحها وإبداعها وتفانيها خدمةً لوطنها ومجتمعها.