-A +A
أحمد الجميعة
بغضِّ النظر عن نتيجة المنتخب السعودي وشقيقه العماني، أو مشوار الأخضر في الاستحقاق الآسيوي في الدوحة، إلّا أن حديث مدرب المنتخب السيد مانشيني عن استبعاد اللاعبين الستة عن قائمة المنتخب؛ كشفت عن سوء إدارة الأزمة إعلامياً من قبل المعنيين في اتحاد كرة القدم أو إدارة المنتخب؛ فليس من المنطق -أكرر إعلامياً- أن تكون هناك بوادر أزمة ظهرت مع استبعاد اللاعب نواف العقيدي، وبروز ترشيحات إعلامية من أن المدرب سيكشف في المؤتمر الصحفي تفاصيل الاستبعاد، ولا يكون هناك تدخل على خط الأزمة، من خلال بيان توضيحي، وإن كان مقتضباً، يقلل من أهمية ما سيتحدث به مدرب المنتخب، أو على الأقل يخلق توازناً في ردة الفعل؛ التي تحولت فيما بعد إلى زلزال في الشارع الرياضي السعودي.

أسوأ أنواع الأزمات الإعلامية حينما يكون مصدرها من القائد، والسيد مانشيني -كقائد للجهاز الفني للمنتخب السعودي- حينما يخرج للإعلام في هذا التوقيت؛ ليبرر قراراته بهذه الطريقة المؤسفة والمزعجة هو أمر غير مقبول قبل ساعات من انطلاق مباراة المنتخب، ومهما يكون من أخطاء فردية أو وجهات نظر محتملة لا تصل مطلقاً إلى أن يظهر المدرب ليُحدث هذه الفوضى، أو يُربِك المشهد الرياضي العام في تبادلٍ لآراء ينقص بعضها الكثير من الحكمة والتعقُّل، وخصوصاً حينما تصل إلى التشكيك في ذمم الآخرين.


الأسوأ من ذلك، وهو ما كشفته تصريحات المدرب مانشيني في مؤتمره الصحفي، أنه لا توجد إدارة إعلام حقيقية لإدارة الأزمات؛ سواءً في اتحاد الكرة أو المنتخب؛ فكيف يُسمح لمدرب أن يتحدث عن تفاصيل حساسة جداً في أحاديث جانبية مع لاعبين، ويبني عليها أحكامه، وكيف يظهر بلا تحضير مسبق ليعلن عن هذه التفاصيل بهذه الطريقة، وفي هذا التوقيت، وما الرسالة التي كان يبحث عنها، ويريد إيصالها، ولمصلحة من؟. وفي الجانب الآخر، أين إدارة الأزمة من المعنيين بها، لماذا كل هذا الصمت؟.

أبسط مفاهيم إدارة الأزمات الإعلامية أن تعيد التوازن إلى المشهد بأسلوب (التفتيت)، أو تنقل الرأي العام إلى مشهد آخر مختلف (التشتيت)، أو على الأقل الظهور غير المباشر (التسريب)، أو الظهور المباشر (التوضيح)، أو الرد على تداعيات التغطية السلبية للحدث من مأجورين أو مسيسين بأساليب (التكذيب، التصحيح، التقليل)؛ هذه مفاهيم لا تغيب عن أي شخص ينتسب لمهنة الإعلام، أو متخصص في إدارة أزمات إعلامية، أو على الأقل يُدرك عواقب الصمت الذي لا يصنع الفارق في زمن سلطة الجمهور بفعل شبكات التواصل الاجتماعي.

ما يجعلنا نتحدث هنا؛ لأنه منتخب وطن، ولا يستحق من يقف عليه، بمن فيهم اتحاد الكرة أو إدارة المنتخب أو حتى وزارة الرياضة، أن يتم التقليل من جهودهم، أو ينال أحد من عملهم وخططهم المستقبلية بفعل هذه الأزمة، وإن كانت مزعجة، ولكن الدرس المستفاد مستقبلاً؛ أنه مثل ما يكون هناك تحضير نفسي وفني للمنتخب؛ يجب أن يكون هناك فريق إعلامي محترف في إدارة المنتخب يقود الرأي العام، ولا ينقاد معه، أو بمعنى آخر لا يكون مجرد ردة فعل!.