-A +A
عبده خال
تأبط السعد اسما، ولم يكن إلا قانطا، عبوسا، يوزع نار صدره، كرها، ورفضا لمباهج الدنيا، وكل قصيدة عمياء يسير بها، يرتطم بالجدران، أو يغور في أوحال سوء القصيد، دائما يهوي بنواياه المتعثرة.. وإن تسلح بالثبات سرعان ما تخور نواياه، ليجد نفسه ساخطا على كل من سار في حقول الشعر، متهما إياهم بالاقتباس، أو رخاوة تجاربهم.. ليس له من فضاء سوء التبرم، والضجر من رفة أهداب أصدقائه، لم يثمر قلبه إلا حقدا، وتعكير سيرة الأزمان بأنه خلق لزمن غير زمن الأيام التي تعجنه بماء آسن.

ومع حقده المتنامي لكل جميل، أراد من ناقد فذ أن يثني على بيوت قصائده المهدمة، فصفح عنه ذلك الناقد، فلم يفهم العابس القنوط ذلك الإعراض، ومع إلحاحه، وتزلفه، أجلسه الناقد أمامه، ذاكرا له قصة من قصص ظرف الشاعر عبدالله البردوني عله يفهم، إلا أن عقله المكتنز بالغباء مكنه من الضحك المفرط، ورواية الطرفة في المجالس، وكأنه لم يكن المقصود بالمعنى.


روى الناقد قصته قائلا:

بينما كان الشاعر البردوني متكئاً في مجلسه، جاء إليه أحد المتشاعرين وقال له:

أنا أكتب الشعر يا أستاذ،

فقال له البردوني: أسمعني شيئا مما تكتب، فلما انتهى من قصيدته قال له البردوني:

إن فيك صفة من صفات النبي، صلى الله عليه وسلم.

ففرح الرجل وقال:

ما هي؟

قال له:

«وما علمناه الشعر،

وما ينبغي له».

أخيرا:

الشعر ينبوع النفس، وليس كلمات من نار تصف.