النَّارُ تربي دفءَ البيتِ ودفءَ الرعيانِ ودفءَ القريةِ، لا أحدٌ في الليلِ -بدونِ دخانِ (السَّمْرِ) وشعلتِهِ في ( المِنْقَلِ)*

يقلِبُ وقدتَها بهدوءِ العارفِ مرتجفًا كحنينٍ يبرقُ خلفَ مدامعِ أمٍ لم تنسَ ولدًا في الحَدِّ يقاتلُ مخفورًا بغبارٍ وأزيزِ رصاصٍ لم يهدأ.

-القريةُ كانت نارًا/‏تذكارًا في الجبهةِ حينَ يمرُّ الليلُ بطيئًا!

لم نأخذْ حطبَ السَّمْرِ* ولا الطَّلْحِ* بأيدينا في الدَّرْبِ؛ لأنَّا نعرفُ أنَّ البردَ القادمَ من أقصانا أكثرُ وقعًا من بردِ القريةِ، نعرفُ أنَّ النَّاسَ ستلقانا بوجوهٍ لم نعهدْهَا، بعيونٍ باردةٍ كمساءِ محبِينَ حزانى، وشفاهٍ لم تألفها البسمةُ قَبْلاً.

الوجهُ بريدُ الأعماقِ -كما قالوا- لكنَّ وجوهًا ضالعةً في الفِطْنْةِ لا تفصحُ بالخافيْ حتمًا؛ فالفطنةُ ذنبٌ لا تغفرُهُ مرآةُ القلبِ الأعزلْ.