عبدالله الغذامي
عبدالله الغذامي
-A +A
«عكاظ» (الرياض) okaz_online@
أكد الناقد الدكتور عبدالله الغذامي، أنه ومنذ إصدار كتابه الأول «الخطيئة والتكفير من البنيوية إلى التشريحية» عام 1985، وهو يحاول الوصول إلى أبسط وأسهل أسلوب للمتلقي، حيث كان يعتقد بأن الكتاب واضح جداً إلى أن سمع بعض الردود من زملاء وقراء بأنه يحتوي على لغة صعبة.

وقال الغذامي، خلال اللقاء الحواري الافتراضي الذي نظمته هيئة الأدب والنشر والترجمة وأداره الإعلامي محمد الطميحي، إنه اتخذ قراراً في محاولة تسهيل اللغة المستخدمة في كتبه، وساعده في ذلك أمران، الأول سعيه لتبسيط النظريات لطلبته في الجامعة، والثاني كتابته للمقالات في صحيفة الرياض بطريقة تكون مفهومة لدى جميع القراء، مشدداً على عدم صحة أن الناقد الأدبي هو من يوصل النص للجمهور، مستشهداً بالجماهيرية الكبيرة لعدد من الشعراء كـ«امرئ القيس»، والذي لا يزال شعره يتداول حتى اليوم، وفي مثال آخر الشاعر محمود درويش الذي اضطر منظمو إحدى أمسياته الشعرية لإقامتها في استاد رياضي، في تأكيد على أن الأسلوب البسيط الخالي من التعقيد يحظى بالقبول لدى المتلقي، وهو ما جعل ضيف اللقاء يقول: «متى نجعل النقد يتكلم عربي»، مستعيراً كلمات الأغنية الشهيرة للفنان المصري سيد مكاوي، كناية عن ضرورة تبسيط الطرح وعدم الانجرار خلف التعقيد.


وتحدّث الغذامي عن سبب غياب مشاكساته مع الحداثيين والتقليديين وقال: «سابقاً كان هناك صراع حداثي صحوي، يستند على الإشكالات الموجودة في نصوص الأدباء، وهو ما حتم علينا محاورتهم والرد عليهم بأسلوب منهجي علمي، فيما اختفى هذا التيار في الوقت الحالي وهو ما تسبب في اختفاء مشاكساتي».

وعن العوامل المؤثرة في فاعلية القارئ، تطرق الغذامي إلى عنصر التفاعلية الذي غير الكثير من أنظمة القارئ بشكل خاص والتلقي بشكل عام، مستشهداً بظهور الإذاعة في ثلاثينات القرن العشرين، وظهور المذيع الذي يقرأ نصاً ليس له، ويقدمه لجمهور ليس له أيضاً، ليدخل بعدها التلفزيون وينتقل المذيع إلى تلك الشاشة ليقرأ بنفس الطريقة والأسلوب نصوص الأخبار بنبرة تخفي مشاعره الخاصة، في وقت كان الجمهور فيه يتسم بالجهل وعدم الاطلاع على ثقافات العالم، «فيما أصبح القارئ في هذا الزمن مطلعاً ويعلم بشكل دقيق ما يحدث حول العالم، ويشاهد الأخبار التلفزيونية ربما بحثاً عن المصداقية، أو للتأكد وتأويل ما يطرح من خلال النشرات، وهو ما جعل القارئ أو بمعنى أصح المتلقي العنصر الأساسي في التحكم بقوة القنوات الإعلامية، رغم الكم الهائل من المعلومات التي يتلقاها من الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي تفوق طاقة الاستيعاب وهو ما تسبب بانتشار ظاهرة النسيان لدى مختلف شرائح المجتمع».

وأشار الغذامي إلى أن المشاهد للتلفزيون «هو في الحقيقة يستمع ولا يشاهد»، مضيفاً: «ربما أختلف مع من يقول إن الصورة أبلغ من الكلام، لأن الحقيقة هي أن الصوت أبلغ من الصورة، وذلك حدث من أول صوت يسمعه الطفل عند الولادة، ليبدأ بعدها تمييز الأصوات القريبة، والبحث عن الصوت الأقرب إلى قلبه، لينتقل بعدها لمرحلة تعلم اللغة من خلال الاستماع».

علاقته بالكتاب والشعر

وعن علاقته بالكتاب بشكله التقليدي، قال الغذامي إنه ليس صديقه الوحيد -أي الكتاب- رغم علاقته القوية به، مقللاً في نفس الوقت من تلك المقولات التي تشير إلى أن التقنية ستلغي ما قبلها، وقال: «رغم حبي وعشقي للكتاب إلا أني لست بمعزل عن التقنية بما تحتويه من مواقع إلكترونية ووسائل مختلفة للاطلاع، وذلك لا يعني أنها تشكل خطورة على الكتاب المطبوع، وهذا يجعلني أستذكر قصة حدثت منذ فترة عندما قمت بوضع كتبي على موقعي الإلكتروني مع إمكانية تحميلها مجاناً، وهذا ما شكل خوفاً لدى الناشر بأن يتسبب ذلك بعدم قدرته على بيع الكتب المطبوعة، إلا أن الحاصل كان ازدياد بيع الكتب المطبوعة بعد انتشارها إلكترونياً».

وأضاف: «جميع الاكتشافات التي مرت على وسائل الإعلام والأدب لم تلغ ما قبلها، كلها موجودة لكن السؤال الذي لا بد أن يطرح هنا هو أي من الوسائل الموجودة الآن هي الأقوى والأكثر جاذبية وتتمتع بالإحساس بصوت ومشاعر الناس، من هنا نجد أن الجماهيرية تزداد في جهة وتقل في جهة أخرى».

وكشف الناقد الغذامي عن أن لديه محاولات لكتابة الشعر في بداياته، حيث كتب إحدى القصائد عام 64م، ونشرت في الصحافة، فيما تسبب عدم نشر قصيدة أخرى له في فقدانه لحماسة كتابة الشعر. وقال: «اكتشفت بأني لست شاعراً عندما كنت أدرس في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1983-1984، وكنت منهمكاً في دراسة النظريات، حينها تركت مصارعة الشعر وذهبت إلى النقد، ولو لم أفعل ذلك لكنت اليوم نصف شاعر».