-A +A
د. محمد آل سلطان
يمر العالم بظروف اقتصادية استثنائية، بل إن بعض كبار المفكرين الاقتصاديين يرى أن العالم مقبل على أزمة اقتصادية وركود اقتصادي تتآكل فيه كثير من الثروات، ويرى البعض أن وباء «كورونا» قد عجل في هذا وجعل الأسواق المالية تترنح تحت وطأته، وأياً كنا في بداية الأزمة أو في منتصفها أو قريباً من خط النهاية فإن في الأزمات تولد كثير من الفرص العظمى!

في عام 2008 مرت اقتصاديات العالم والصناديق السيادية العالمية بأسوأ أزمة يمكن تخيلها قبل عقود من ذلك التاريخ، وتولدت خلال هذه الأزمة فرص كبرى اقتنصها من اقتنصها وأهدرها من أهدرها، ووقتها لام الكثير من الاقتصاديين الدول التي كانت تتمتع صناديقها ومؤسساتها المالية بوفرة كان من الممكن أن تجعلها رائدة الاستثمار في ذلك الوقت الصعب بينما تمتعت بعض الصناديق الخاصة والسيادية أيضاً بمرونة فائقة في القرار والنظرة الاستثمارية مما مكنها من اقتناص فرص عظيمة ما زالت تجني ثمارها إلى اليوم.


وفي السعودية مثلاً التي كانت متحفظة في ذلك الوقت ولم تكن تميل لإنشاء أي صندوق سيادي تحتفظ فيه بمدخراتها المالية وتستثمر عوائدها النفطية في شركات وأصول تدر عليها الأموال خارج سياق النفط عد الكثير من المتخصصين - ولست منهم -أن السياسة الاستثمارية السعودية في ذلك الوقت أضاعت فرصاً كبرى كان يمكنها أن تحقق منها عوائد ضخمة في السنوات اللاحقة لعام 2008، وهو ما تلافاه السعوديون في رؤية 2030 عندما وضعوا أحد محاورهم الثلاثة في أن تكون السعودية الدولة الرائدة استثمارياً على مستوى العالم، وهو ما انعكس في مجمله على نمو أصول الصندوق السيادي السعودي في الثلاث السنوات الماضية.

وها نحن على أبواب أزمة كبرى عجل بها فايروس «كورونا»، حيث تدهورت كثير من الأسواق والأصول والشركات العالمية الكبرى، وهو في رأيي ما يضع أمام الاستثمارات السعودية سواء في الصندوق السيادي السعودي أو غيره فرصة كبرى قد لا يمكن تعويضها في السنوات القادمة لاقتناص ما قد يتولد من فرص داخلية وخارجية سواء في السوق السعودي أو في الأسواق العالمية من الولايات المتحدة غرباً وحتى الصين شرقاً.

أتمنى من كل قلبي ألا نضيع فرصاً ذهبية تلوح في الأفق، وأن تسعى وزارة الاستثمار وكل الصناديق السعودية الاستثمارية في عقد لجان دائمة لتدارس ما يمكن الاستفادة منه أو حتى تلافيه في ظل ترنح كثير من الأسواق تحت وطأة كورونا أو تدهور أسعار النفط أو الركود الاقتصادي الذي ينذر أو يبشر به البعض، وكما يقال في الأزمات تصنع الثروات وفي السوق السعودي والأسواق العالمية تكمن فرص هائلة أعتقد أنه يمكن اقتناصها لمصلحتنا جميعاً، والله الموفق.