حيّا (الشعب الأحمر) و(بن سويلم) حيان من أحياء محافظة الطائف يتفقان في العشوائية، وسوء التنظيم، وضيق الشوارع، ونقص الخدمات، وارتفاع نسبة الجرائم، فخلال جولة "عكاظ" على هذين الحيين اتضح ارتباطهما بكل هذه السلبيات حيث لاحظنا ان حي (الشعب الأحمر) الذي يعد من الأحياء القديمة في الطائف، يفتقد لأبسط الخدمات، ولم يشفع له قربه من المرافق والمنتجعات السياحية، فهو حقاً مليء بالحدائق لكنها مهملة ومظلمة وتستغل كمخابئ للمتخلفين والمجرمين ومروجي الخمور وغيرها من الممنوعات، مما أجبر بعض السكان على الهجرة من الحي بسبب طول الانتظار وتكرر وعود المسؤولين بإيجاد حلول فيما بقي الحال على ما هو عليه.
أحد كبار السن في الحي واسمه عيضة السفياني يقول بكل حرقة ان ما يؤلمهم حقاً هو تفاوت نظرة المسؤولين لأحياء الطائف، فهذا هو حي شهار وحي قروى المجاورين لحينا يعدان من أفضل وأجمل أحياء المحافظة والخدمات تصلهما وتقف عند اعتاب حي الشعب الأحمر دون تقديم اية خدمات، وهذا ليس حسداً، نتمنى ان تكون كل احياء الطائف كذلك فهو المصيف الأول للمملكة ولكن لماذا لا يزال التهميش الذي هو العنوان الابرز لحينا.
عشوائية ومعاناة
وبما ان الحديث عن الجيرة، يقول صالح العتيبي ان الحي قريب جداً من مياه التحلية لكن لا توجد شبكة مياه، كما ان اهمال شبكة الصرف الصحي أزكم انوفنا بسبب الروائح الكريهة. بينما يرى عبدالله الخالدي ان اساس المعاناة هو العشوائية فكيف لسيارة اسعاف ان تنقذ مصاباً او كيف لآليات الدفاع المدني ان تطفئ حريقاً في ظل وجود عشوائية (فظيعة) في الحي قائلاً: كلما طالبنا البلدية والجهات المسؤولة بإيجاد حلول يكون الجواب دائماً ان حي الشعب الأحمر من الاحياء التي نشأت في غياب التنظيم، اذاً ما الحل؟ الجميع هنا يتحدثون عن العشوائية والحدائق المظلمة، وغياب التنظيم والتنسيق، وهو ما بدا واضحاً خلال جولتنا في الحي، مما يتسبب في زيادة نسبة الجريمة مما يستدعي التواجد الدائم لرجال الأمن، فقد ضبطت أجهزة الأمن في فترة سابقة اكبر مصنع للخمور تديره مجموعة من الاثيوبيين.
وعثر في المصنع المقام باحدى الاستراحات على اكثر من 170 برميلاً مجهزا وموصلا بخزان يتسع لكميات كبيرة من الخمور اضافة الى وجود قوارير وجوالين كانت معدة للبيع والترويج تقدر قيمتها بنصف مليون ريال، فالليل هناك جداً مخيف، وقداصبح الأمر ملحاً لوجود لجان للكشف على الخدمات بالأحياء خاصة الاحياء القديمة التي خرجت عن اهتمام السفلتة والاضاءة والتحلية وغيرها من الخدمات.
شوارع ضيقة
وذات الحديث ينطبق على حي بن سويلم فالمباني عشوائية والخدمات مفقودة والشوارع ضيقة الى درجة لا تسمح بمرور السيارة من خلالها وفي حالة حدوث حريق (لا سمح الله) لا أدري كيف سيتمكن جهاز الدفاع المدني من الوصول الى الحريق بسهولة، ان الحاجة هناك ماسة لزيادة الانارة وتنظيم الشوارع وتكثيف الحملات الامنية لتطهيره من المتخلفين. يقول احمد الثقفي: ان هناك حرائق تندلع بحارة بن سويلم بصورة شبه يومية ويواجه رجال الدفاع المدني صعوبات في إخماد الحرائق، ولا يجدون حلاً سوى الوقوف عند اقرب نقطة من النيران ومد آليات المياه لإطفائها حيث ان السيارات لا تستطيع الدخول الى الشوارع والمرتفعات الضيقة، الى جانب صعوبة وصول سيارات الاسعاف.
كما يشتكي اهالي الحي من كثرة القضايا الجنائية للعمالة المتخلفة التي رأت في الحي مأوى آمنا لهم بالاضافة الى اشخاص اساؤوا لسمعة الحي والطائف والبلد بشكل عام، فهناك عدد من الاوكار والبيوت الشعبية المهجورة التي تساعدهم على ذلك.
وفيما يقدر الأهالي دور رجال الامن في القبض على هؤلاء المجرمين يطالبون بإزالة تلك الاوكار والبيوت المهجورة.
نفايات مكدسة
خلال جولتنا بالحي لاحظنا كذلك بشكل لافت تكدس النفايات في الحي وغياب البلدية عنها فعمال النظافة ليس لهم هم سوى جمع العلب الفارغة ومن ثم المغادرة لتبقى النفايات ملقاة في الشوارع، ولا بد هنا من الاشارة الى ان حارة بن سويلم من اكبر واقدم الاحياء السكنية بمحافظة الطائف، ويقال: ان سبب التسمية هو المخطط الذي سكن فيه الأهالي كان لابن سويلم ويتجاوز عدد سكانه أكثر من 15 ألف نسمة، ويرى سلطان السلمي ان الأمطار دائماً ما تكشف تقصير الجهات المسؤولة عن الخدمات والتنظيم وحقيقة الوضع الهزيل الذي تعيشه الشوارع، وغياب خدمات النظافة، وتراكم مياه المجاري وتحولها الى مستنقعات.
ويقول الاعلامي والمؤرخ المعروف حماد السالمي: ان ظهور الاحياء العشوائية في كثير من مدن المملكة عائد الى اسباب عدة من اهمها تخلف التخطيط العمراني عن النمو المتسارع للسكان وتوسع العمران ولا أقول رقابة البلديات لأن الرقابة تفرض اذا وجدنا بدائل مطروحة لا تتيح الفرص للمخالفين اما في ظل الفوضى المستمرة منذ سنوات عدة فإن العشوائيات سوف تنمو وتتسع وسوف تشكل اخطاراً امنية كبيرة اذا لم يتم تدارك هذا الامر ففي جدة على سبيل المثال 46 حياً من هذا النوع وفي الطائف عدد غير قليل منها والحلول لن تأتي بالهدم على رؤوس الناس (الغلابة) بحجة عدم حصولهم على تراخيص بلدية او نحو ذلك ولكن ببناء مدن حديثة وتمكن الذين لا يملكون مساكن منها بعقود وشروط وأنظمة ومن ثم هدم هذه العشوائيات واعادة تخطيطها ودمجها في المخطط العام للمدينة وتخصيصها لجيل قادم لن يجد مساكن في المدن ما دامت الفوضى تضرب بأطنابها.
جشع الهوامير
واضاف السالمي: ان الاحياء العشوائية يكفيها اسمها فهي نشأت كذلك بسبب جشع هوامير الأراضي والمخططات السكنية وعندما لايتمكن اهل القرى من بناء مساكن لهم لا يجدون امامهم الا الهجرة الى المدن والنزول بأطرافها والبناء عشوائياً في احياء عشوائية وهكذا لم نخطط في المدن ولم نخطط في القرى، فلا ارتاح الناس في قراهم وقدمت لهم الخدمات اللازمة ولا في المدن، فالأمر أكبر مما يتصور وسوف تكون له تبعات أخطر اذا عرفنا ان أولويات بلدياتنا هي الرقابة والهدم وفرض الجزاءات ومنع النور عن سكان القرى خاصة.
وعدد السالمي في سياق حديثه ابرز عشوائيات الطائف وهي حي بن سويلم والشعب الأحمر ووادي النمل والبخارية الى حد ما.. من جانبها اوضحت بلدية الطائف ان مساحة المواقع العشوائية داخل مدينة الطائف والحوية والحلقة بلغت 56 كيلومتراً مربعاً وقد انتهت من تخطيط هذه المواقع بهدف الحد من نموها عشوائياً وتطويرها. وتشمل الخطة التوزيع الأمثل لاستعمالات الاراضي والخدمات العامة والتخطيط المثالي لشبكة الطرق وتعزيز الوعي بالمشكلة القائمة وتنظيم الموارد والامكانات المحلية وتوظيفها لتلافي المشاكل الناجمة عن العشوائيات والعمل على تلبية الاحتياجات الأساسية للأهالي بهذه المواقع.
دراسة متكاملة
وكان رئيس بلدية الطائف المهندس محمد بن عبدالرحمن المخرج كشف في وقت سابق ان هناك دراسة متكاملة لظاهرة المناطق العشوائية بالطائف ومعرفة اسباب نشوئها ونموها وتحديد موقعها على المخطط الاقليمي للمحافظة بما يساهم في تحقيق تنمية عمرانية مستدامة تخدم اهداف التنمية وتتفق مع الخطط الاستراتيجية والعمرانية الوطنية مشيراً الى ان من اهم اهداف المشروع الذي نفذته البلدية لـ15 حياً داخل الطائف تشغل ما نسبته 11.2% من اجمالي مساحة الكتلة العمرانية للطائف والتي تتجاوز 500 كيلومتر مربع التعرف على الظاهرة وتقويم الأوضاع الاجتماعية والعمرانية الراهنة واقتراح الأطر الاستراتيجية والتخطيطية الملائمة للتعامل معها، والمواقع موضع الدراسة هي عودة، سلطانة، بن سويلم، الثقافة، الخضيرة، الملز، مسرة (1، 2)، شمال معشي، المعترض، السلامة، وادي النمل، المليساء (1، 2)، رحاب، ريحة،الواسط، ويتراوح بعد هذه المواقع ما بين 2- 23 كيلومترا من مركز المدينة ومساحاتها ما بين 1.1- 24.8 كيلومتر مربعا..
كما وضعت بلدية الطائف خطة لتطوير وتنمية قرى المحافظة من خلال اعداد دراسة تفصيلية لـ15 قرية ضمن توجهات وزارة الشؤون البلدية والقروية للحد من ظاهرة النمو العشوائي ومعالجة عوائق التنمية مع تطوير البيئة العمرانية تمشياً مع خطط التنمية العمرانية الشاملة ومن الاهداف الرئيسية لهذه الدراسات الحد من الهجرة المستمرة الى مدينة الطائف والحفاظ على البيئة الزراعية والطبيعة الخاصة لهذه القرى بما يجعلها جاذبة للسكان والسائحين.
العشوائية حولتهما مخابئ للمجرمين
«الشعب» الأحمر و«بن سويلم»
15 أبريل 2008 - 19:34
|
آخر تحديث 15 أبريل 2008 - 19:34
«الشعب» الأحمر و«بن سويلم»
تابع قناة عكاظ على الواتساب
محمد سعيد الزهراني - الطائفتصوير: عوض المالكي