-A +A
«عكاظ» (جدة)
شهد «موسم العيد» حراكاً مسرحياً لافتاً جذب الآلاف من عشاق المسرح في عدد من مناطق المملكة، ونُظمت خلال أيام العيد الخمسة العديد من المسرحيات التي قدمتها نخبة من الفنانين العرب والخليجيين، في الرياض، والدمام، والطائف، والأحساء، والمدينة المنورة.

ومن أبرز الأعمال المسرحية التي شهدت إقبالاً جماهيرياً كثيفاً في مدينة الرياض مسرحية “عنتر المفلتر” من بطولة الفنان الكويتي طارق العلي، ومسرحية «فوق كوبري ستانلي» للنجم المصري محمد سعد الشهير باللمبي، ومسرحية «أمين وشركاؤه» من بطولة النجم المصري أحمد أمين، إضافة إلى «عالم لمسة» في مدارس الرياض والمسرحية النسائية «المصرقعة»، ومسرحية «لو» الخاصة بذوي الإعاقة البصرية، ومسرحية «الأسرة بين الماضي والحاضر والمستقبل» المخصصة لذوي الإعاقة السمعية.


ما في مدينة الدمام، فقد عُرضت عدة مسرحيات أهما مسرحية «ليلة زفاف المرحوم» من بطولة طلعت زكريا والفنان القدير حسن يوسف، ومسرحية «رحلة بدينار ونص»، وفي الأحساء أقيمت مسرحية «ميكي أفندي» للنجم المصري أحمد بدير، إضافة إلى مسرحية «عجائب غرائب»، ومسرحية «ريا وسكينة».

وفي الطائف نُظمت مسرحية بعنوان «قو نينجا»، ومسرحية «أشباح هونو لولو»، أما في المدينة المنورة فأقيمت مسرحية «أبو قدحة» بطولة الفنان السعودي فايز المالكي.

وحول هذا الحراك قال المخرج المسرحي وصانع الفعاليات رجا العتيبي، أن «موسم العيد» استطاع أن يتيح الفرصة للشباب السعودي والشابات السعوديات للمشاركة في فعالياته بصورة جعلت منهم قادرين على إدارة الفعاليات بمهارة، ورفعت مستواهم الفني، وأن «موسم العيد» جعلهم منتجين للفن والجمال والحب والسلام.

عن طبيعة مشاركته في «موسم العيد» أوضح العتيبي أنها تمثلت في تنفيذ مسرحية نسائية للعائلة السعودية بعنوان «نرسيس» ضمن فعاليات موسم العيد لهذا العام، وهي من بطولة زارا البلوشي، ودانة آل سالم، وإخراج خالد الرويعي.

وأشار إلى أن «نرسيس» تجربة مسرحية جديدة باعتبارها تعطي معايير المسرح أولوية خاصة، مثل: لغة الجسد، والسينوغرافيا، والتكوين، واللغة المكثفة، والنص الفلسفي، وأضاف: «هدفنا من هذه المسرحية أن تخرج العائلة السعودية في نهاية العرض وأفرادها يحملون في أذهانهم تجربة مسرحية تمثل لهم إضافة في عالم المسرح، وأن الخشبة تستوعب كل أشكال المسرح وليس شكلا واحدا، وأن المسرح ليس المسرح الساخر أو الاجتماعي فقط، وإنما هناك مسارح متنوعة لا حصر لها». وتتناول المسرحية –كما قال العتيبي- الأسطورة اليونانية «نرسيس» الذي اشتهر بجماله الطاغي، وترفّع عن كل من حوله وأصابه الغرور، وعندما رأى انعكاس وجهه على نبع الماء فتن بنفسه، وراح يحدق فيها إلى أن مات، ونبتت فوق جثته زهرة النرجس.

وأضاف: «تبث المسرحية مقولة أن النرجسية ليست الذات المتعالية في (موت نرسيس)، إنها الثقة بالنفس، والثقة بمن حولنا، وعندما تققد البشرية ثقتها بنفسها تفقد شرط الإنسانية، يفقد البشر ثقتهم ببعضهم البعض، ومن حق كل فرد في العائلة أن يحب نفسه، حب النفس يمنحها الثقة». وأكد العتيبي أن «موسم العيد» جعل من الإنسان السعودي مصدرا للفرح، وأن القائمين على الموسم تفوقوا على أنفسهم بأن نجحوا في «أنسنة» المدينة، فجعلوا من الرياض مشبعة بالجمال.

من جانبه، أكد أحمد الملا مدير مهرجان أفلام السعودية أن (مواسم السعودية) رفعت المعايير والطموحات الفنية التي «نتمنى أن تنطلق منها المواسم الأخرى وتصعد إلى الأعلى»، مشيراً إلى أنه وعلى الرغم من أنها كانت تجربة أولى ونفذت في فترة زمنية محدودة، إلا أنها حققت أهدافها وما يزيد عن أهدافها الموضوعة لها.

وقال: «باعتقادي أن الموسم القادم عام 2020 سيكون الموسم الذي يرسخ خط سير المواسم التي بدأت على مستوى المملكة».

وأضاف الملا أن المسرح من أخطر الأعمال الثقافية؛ لأنه عمل جماعي، ويحتاج إلى إعداد ضخم جداً، خاصة ذلك العمل المسرحي الذي يعتد به على أساس أنه عمل أصيل، بخلاف العمل المسرحي الخفيف الذي يعد في يومين ويُعرض في يومين وينتهي، وقال: «أنا أتمنى أن أجد عروضاً مسرحية كالعروض العالمية التي تستمر لسنوات وهي تعرض بشكل مستمر، وعلى أقل تقدير تكريما للشباب الفنانين الذين يبذلون جهداً كبيراً من أجل إنتاج العمل»؛ مشدداً على أن تقديم بعض الأعمال المسرحية في عرض أو عرضين ثم التوقف أمر مضر جداً لأي عمل مسرحي.

أما سلطان البازعي الرئيس السابق للجمعية السعودية للثقافه والفنون فأكد أن الحراك المسرحي أمر إيجابي، لكن النهوض بالمسرح يعتمد على نوعية المسرحيات التي تقدم، موضحاً أن بعض الأعمال تكون –أحياناً- تجارية، ولا يوجد فيها عمق مسرحي يخدم الحركة المسرحية، لكنه يستدرك قائلاً: «إجمالاً أي حراك أمر إيجابي، ولعله يعيد الجمهور إلى المسرح».