* في الحرب الأهلية.. كانت هناك قاعدة غريبة تقول عن لبنان: لابد أن يكون هناك فارق بين الرضوخ لحقيقة ثابتة، وبين الاختناق بتلك الحقيقة... وقد كان لبنان يختنق بحقيقة رائجة هي: إما أن يكون حقل حرية، أو أن يكون قبر أحرار، وقد كان «لبنان» في غمار «الحرب» الانتخابية. وعرف العالم أن الإنسان اللبناني الذي قتلته الفرقة، ورصاصة القناص، وتجارة السلاح، وتجارة المخدرات، وتجارة السياسة وكواليسها قبل اندلاع الحرب، قد سقط في هول ما فعله به: الساسة، والميليشيات، والأحزاب، والتدخل الخارجي في شؤونه الداخلية، وروت دماؤه شجرة الأرز، فصار إنساناً مختلفاً يمارس نوعاً من انسجام الحرية والموت. بمعنى: أن كثيراً من البشر في هذا العالم: أحرار في الموت، أو أحرار بالموت، لكن الأموات في الحرية: يشكلون استفهاماً مرهقاً في عصر العلم والتكنولوجيا والحضارة، لأنهم يموتون ضحايا أطماع القوة، والديكتاتورية، واختلال الانتماء للوطن فيهم، وإهدار كرامة ووحدة الوطن، والفوضى!
* * *
* لبنان.. يرغب بشعبه أن يعود: مرساة لكل المراكب التائهة واللاهثة، إنه بلد «الفلكة» السحرية التي تحمل تعب الناس من صدورهم، وتسبح بهم.. حتى ترمي بهم في بحار لا ترد الصدى.. أن يكون: وطناً تتجمع في ترسباته مراحل تاريخ الإنسان العربي بجنونها، وبنضالها، وبمتغيراتها.. فمن «ذاك» الذي استطاع أن ينادي بلبنان: فينيقياً، غير سعيد عقل؟!
لقد رأيتهم اليوم.. في عيونهم التحدي، وفي عزيمتهم: تكريس الإعمار... فالوطن: صار قضية حضارية، بعد أن بقي دائماً: قضية حرية. لقد سطعت الشمس.. بعد أن وجدت أرضاً ينحني أبناؤها على زراعتها من جديد، وبعد أن تشتت الفراق ونسج اللبنانيون في قلوبهم بدلاً عنه: الوفاق، واللقاء.
* وفوق أعلى مرتفع في قرية طريقها «جونيه».. ناديت، غنيت، رددت: الله يا فيروز... كم خفقة، كم ضلعٍ فيك وفي جيلك وحتى الآن أخذ يغني بصوتك:
- «يا مينا الحبايب يا بيروت.. يا قلبي اللي دايب.. يا بيروت»! ذلك الذي تراكم رماداً من تجربة القسوة، وجريمة «قابيل وهابيل»، وتخثر الجراح.. كان اسمه: الحنان!
* * *
* آخر الكلام:
* من مجموعة الأديبة اللبنانية/ هناء الأمين خاتون:
- أيها الليل المتواري خلف زمن التباعد
لماذا صمتك: ضوء من تراب؟!
نكون.. أو لا نكون!!
لبنان... حر بالموت!؟
24 مارس 2008 - 19:27
|
آخر تحديث 24 مارس 2008 - 19:27
تابع قناة عكاظ على الواتساب