تلعب بعض الكائنات أدوارا أسطورية في حياتنا، وفى حارات مكة القديمة تكونت شخصية «تيس القرارة» الذي كان من الحيوانات العجيبة جدا فيحكى أنه كان نشطاً جداً وكثير الحركة، وبالرغم من شكله «المجربد»، ورائحته الفواحة الكريهة، كان يتمتع بخفة حركة ونشاط مذهلين، فيقال إنه كان يصعد التلال برشاقة إقلاع البوينج 777 ... وكان يتحرك في الأراضي الوعرة بكل يسر فيتعامل مع الصخور والحجارة والرمال الصعبة طلوعا ونزولا بسلاسة تفوق قدرات «اللاند كروزر في اكس آر»، ولكن شهرته الأسطورية كانت لأنه اشتهر بدور «دون جوان» الماعز... «كازانوفا» تيوس أم القرى... وكان نشاطه مميزا وخصوصا فيما يتعلق بلقاح نسبة لا بأس بها من ماعز مكة المكرمة في السبعينات الهجرية... ونعود لعالم التيوس بعد 155 كلمة من هذه النقاط... سبحان الله أن تقنيات الصناعة التي سخرها الله للإنسان تعتمد على الغلاظة في التحويلات سواء كانت باستخدام الضغط الهائل، أو الحرق، أو التكسير، أو إعادة التشكيل، بينما تعتمد العديد من تقنيات الصناعة في عالم الطبيعة على الرقة والدقة، والتحولات الهادئة الوديعة، سواء كانت في صناعة العسل بداخل أجسام النحل، أو صناعة السكر بداخل أوراق النباتات، ومن أروع الصناعات الطبيعية هي تحويل البروتينات في أنسجة العنكبوت إلى مادة الحرير العجيبة فهي من أنعم الأنسجة وأقواها على الإطلاق ... أقوى من الحديد الصلب وتستطيع أن تتحمل حوالى أربعمائة ألف رطل للبوصة المربعة... فضلا لاحظ أن هذا الرقم معناه أنك تستطيع أن ترفع طائرة جامبو (بوينج 747) بكامل حمولتها ووزنها أكثر من ثلاثمائة وتسعين ألف كيلوجرام باستخدام شبكة مصنوعة من حرير العنكبوت بسمك يعادل عرض صورتي الموضحة أعلاه... وهناك العديد من الفوائد لهذه المادة العجيبة... من خيوط الجراحة الدقيقة، والبصريات، وألياف الاتصالات، إلى الاستخدامات العسكرية، والاستخدامات الرياضية ومئات الاستخدامات في العديد من المجالات الأخرى التي تتطلب القوة الخارقة وخفة الوزن.
ونعود إلى التيوس اليوم فنجد أن هناك تشابها بين جينات التيوس والعناكب... وسبحان الله فقد فكر بعض العلماء في استخدام بعض الكائنات كأدوات إنتاج وكأنها مصانع مصغرة... واكتشفوا آلية ذكية جدا لزرع جينات الخلايا المنتجة للحرير والمستخرجة من العنكبوت في الخلايا المنتجة للحليب في ثدي الماعز... تخيل أنها جينة عنكبوت واحدة يتم خلطها بسبعين ألف من جينات العنزة... وقد نجحوا فعليا في ذلك ويتم حاليا انتاج نوع جديد من الحرير باسم «الحليب الحريري» وتنتجه العديد من الشركات ومنها «جينزيام» في أمريكا... وبي بي إل في اسكتلندا ومن الطرائف أن الماعز النوبي هو بطل عملية الإنتاج وهو من أقرباء تيس القرارة... والله أعلم فلو علمت هذه الشركات أن لدينا سلالة تيس القرارة الشهير فقد تتهافت علينا جيوش من العلماء للحصول على أحقية الإنتاج... وبالرغم من الجوانب المذهلة في موضوع الهندسة الوراثية، أجد فيه شخصيا بعض جوانب الرعب فقد تعاملت مع أحد الإخوان اليوم بدرجة من الخبث وكأن منظومته الجينية تحتوى على جينات ثعلب... وفى شوارع جدة يصل تدني مستوى القيادة في بعض الأحيان لدرجة أن نتخيل أن بعض السائقين قد أضيفت لهم جينات الثيران.
أمنيـــة
تلعب الهندسة الوراثية أدواراً عجيبة في حياتنا فالعديد من فاكهة الصيف التي بدأنا نستمتع بها قد خضعت للتعديل... أتمنى أن يرزقنا الله الحكمة فى التعامل مع هذا العلم الخطير.
والله من وراء القصد.
أخبار ذات صلة