-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
أخطر ما يواجه الشعوب والمجتمعات هو التحزب والانقسام إلى فرق وجماعات لها فكرها وأهدافها وعصبياتها، حتى في الدول التي اتخذت الديموقراطية بأشكالها أسلوبا سياسيا، نجدها تعاني من الانقسامات والشتات كما هو حال اليمين العنصري المتطرف في الغرب، وكذلك جماعات التكفير في المشرق، والخطر كل الخطر أن تخرج جماعة بفكر متعصب مغلق وتجعل من نفسها كيانا في تنظيمها وأهدافها، التي إذا تمكنت منها تجعل نفسها فوق دولها وتهدم مؤسساتها، وتدفع بعناصرها والجهلاء لمواجهات تصل حد الصراعات الدامية.

هكذا فعل ما يسمى حزب الله وجماعة الحوثي ومن قبلهما وعلى مدى تاريخ طويل فعلت جماعة الإخوان التي سقطت أقنعتها الزائفة في فوضى وفتن الخريف العربي عندما سعت بالغوغائية والترهيب إلى الوصول لمؤسسات دولها، والطامة الكبرى أنها وغيرها من جماعات الإرهاب تفعل ذلك باسم الدين والفضيلة زورا وبهتانا، وباسم المقاومة تضليلا للمغيبين، وتحت ستار مشاريع خيرية في التعليم والعلاج لتأكيد غسل الأدمغة، لكن حبال الكذب والخداع قصيرة.


التمكين الناعم وإن طال الزمن أسلوب ماكر لتلك الجماعات، وفي جوهرها تحمل فكر رموزها الخوارج، والدعوة إلى الخروج على الحاكم، وفي هذا كشفت أحداث فوضى المنطقة حقيقة تلك الجماعات وتنظيماتها المسلحة، وحجم اقتصادياتها من تبرعات وجرائم غسل الأموال كما هي جرائمها في غسل الأدمغة.

لقد سقطت أقنعة تلك الجماعة والتي على شاكلتها وافتضاح مخططاتها السياسية في السيطرة على دول بعد أن تغلغلت عناصرها في مجالات كثيرة وبدرجة أكبر في التعليم ومفاصل المجتمعات، وهي الأقرب لنظام الملالي في إيران وأذرعته الخبيثة في أكثر من دولة، وهي جماعات لا يعني الوطن لديها شيئا إلا أرضا ومقدرات لمخططهم التدميري لمفهوم الدولة الوطنية في المنطقة.

لقد جاءت كلمات سمو ولي العهد في حديثه لشبكة (سي بي إس) قبل أيام واضحة وصريحة بأن «المدارس تعرضت لغزو من عناصر لجماعة الإخوان، ولا يزال البعض منهم موجوداً، ولكن في القريب العاجل سيتم القضاء عليهم نهائياً»، مؤكدا سموه عزم المملكة القضاء على التشدد.

في السياق نفسه كشف معالي وزير التعليم الدكتور أحمد بن محمد العيسى عن جهود التعليم في محاربة الفكر المتطرف من خلال إعادة صياغة المناهج الدراسية وتطوير الكتب المدرسية، وضمان خلوها من منهج جماعة الإخوان المحظورة، ومنع الكتب المحسوبة عليها من جميع المدارس والجامعات، وإبعاد كل من يتعاطف مع الجماعة أو فكرها أو رموزها من أي منصب إشرافي أو من التدريس، والتوعية بخطر فكر الجماعة من خلال الأنشطة الفكرية في الجامعات والمدارس.

إن حروب الجيل الرابع والخامس تقوم على فكرة التدمير الذاتي، وفي هذا تأتي تلك الجماعات بمثابة رأس حربة في استهداف جسد الأمة وتقويض أسس الدولة الوطنية، وذلك من خلال إشعال روح الانقسام والصراعات، وفي غمرة الفتن يتراجع الشعور الوطني عند المغيبين، أما عناصر تلك الجماعات فلا هدف لهم سوى أن تقوى شوكتها وتهيئة الفرص لتجعل من نفسها فوق مفهوم الدولة، والأمثلة رأيناها في الواقع العربي بأكثر من صورة وفي أكثر من موقع.

حقا آن الأوان لتطهير الأوطان من سموم هؤلاء، وأيضا يقظة المجتمع لكل من يتاجر بالدين، ومن يحمل فكرا يغاير منهج الوسطية الأصيل، ولا يعلي روح الوطنية وصدق الانتماء، فحق الوطن وشرف الانتماء، وهو حق عظيم علينا جميعا.