المعلمات يتحدثن لـ«عكاظ». (تصوير: موسى الأحمري)
المعلمات يتحدثن لـ«عكاظ». (تصوير: موسى الأحمري)




إحدى المعلمات تنتظر زميلاتها.
إحدى المعلمات تنتظر زميلاتها.




ناصر السهلي
ناصر السهلي
-A +A
عبدالله راجح العبدلي (جدة) ara_7500@
إلى متى؟.. سؤال أوجز حال طرفي المعادلة، معلمات القرى النائية، وأصحاب وسائقي الحافلات التي تتعهد بنقلهن إلى مواقع مدارسهن البعيدة عن جدة، أحيانا بمسافة 800 كيلومتر في رحلتي الذهاب والإياب. فالمعلمات يسألن إلى متى تستمر رحلات المخاطرة عبر الطرق الوعرة والحوادث المرتقبة وهن في طريقهن إلى مدارسهن؟. ويتساءل السائقون: «إلى متى يستمر تعسف الجهات المعنية في فرض مخالفاتها اليومية والروتينية علينا بحجة عدم ملاءمة المركبات لشروط السلامة ومعايير الأمان؟».

الثانية فجرا


رحلات المتاعب تبدأ في الثانية فجرا، قبل ساعات من الدوام الرسمي، حرصا على الوصول في الوقت المحدد قبل طابور الصباح، ومع ذلك لا يسلم السائقون من العقوبات بغرامات قد تصل إلى 10 آلاف في اليوم الواحد، بواقع 5 آلاف لرحلة الذهاب ومثلها للعودة، وهو أمر يضطر السائقين لارتياد طرق غير مطروقة فرارا من عقوبات وزارة النقل.

ووقفت «عكاظ» على أحوال الطرفين ميدانيا، واستمعت إليهما، لترصد الأوجاع التي استمرت لسنوات طوال دون أن تتحرك الجهات المعنية لوضع حلول موضوعية لها.

تقول «أم خالد» (معلمة المرحلة المتوسطة) لـ«عكاظ» إنها تغادر منزلها في شمال جدة عند الثانية فجرا إلى مدرستها في قرية نائية، وتعود في الرابعة عصرا، فماذا تبقى لها من وقت كي توفره لأسرتها، أو جهد تعين به طالباتها في اليوم التالي؟!. وتضيف أن تعيينها في المدرسة البعيدة جنوب الليث وطريق الساحل تم قبل نحو 6 سنوات، وتعيش يوميا حالات التوجس والقلق بين مشاق الرحلة الطويلة ومتاعب الحافلات التي لا تنجو من غرامات «النقل» وجولات الكر والفر بين السائقين وجهات الرقابة.

رحلة الخوف

وتعيش «أم نايف» (المعلمة بالمرحلة الثانوية) ذات المواقف، إذ تنتقل مع زميلتها «أم خالد» في ذات الحافلة التي تسلك أحيانا طرقا غير مرتادة نأيا عن القسائم، وهي لحظات قلق وخوف في طريق وعر وخال من البشر والشجر. وتسأل: «كيف سيصبح حالنا إن تعطلت الحافلة في مكان موحش وغريب؟».

«أم يوسف» لم تكن حالتها أفضل من زميلتيها وتقول لـ«عكاظ» إن الحافلة التي تستخدمها تختار طريق الشاطئ والساحل تفاديا لنقطة تفتيش السنابل، وحدث أكثر من مرة أن تعرض السائق لغرامات بـ5 آلاف ريال، كما أن الطريق الذي تسلكه الحافلة يفتقر للخدمات، إذ لا دورات مياه أو محطات للراحة.

ناصر السهلي (صاحب حافلات نقل معلمات) شكا لـ«عكاظ» من الإشكالات التي تواجهه يوميا، ويقول إنه يعمل في هذا المضمار منذ نحو 10 سنوات ويتعرض إلى غرامات من وزارة النقل بحجة مخالفة الشروط، إذ تطالبه الوزارة بإقامة حوش بمساحة 90 مترا مربعا على شارع عام كموقف لحافلاته البالغ عددها 4 فقط.

شروط النقل

أما طارق مهدي الجميعي، الذي يملك 3 حافلات لنقل المعلمات، فقد تعرض إلى غرامة بـ55 ألف ريال بسبب عدم تغيير اللوحات، وهو أمر لا يشجع على الاستثمار في هذا المجال، والمتضرر هي المعلمة، ويأمل من الجهات المختصة وضع حلول لإنصاف معلمات القرى النائية ورفع المعاناة عن الحافلات.

في المقابل، تشدد وزارة النقل على الحافلات الالتزام بمعايير السلامة، وتضع غرامات لمواجهة ذلك، تتراوح بين 500 - 5000 ريال، على كل من ينقل المعلمات دون موافقة أولياء أمورهن أو دون توقيع عقود معهن. ويؤكد المتحدث باسم وزارة النقل أنه يشترط في المركبات التي تنقل المعلمات أن تتبع للمنشأة المرخص لها، إلى جانب رخصة تشغيل من المدرسة.