عندما تكون الكتابة عن الوطن في يومه الأغلى والأعز.. جرت العادة ان تختص السطور بالتاريخ، وأن تتحدث عن قصة البناء الشامخ، وحكاية الوحدة الأولى في الجغرافيا العربية الاسلامية الممتدة في الكون الوسيع.. غير أني اليوم أخالف ما أعتدت عليه وأكتب عن الوطن في شخصية ملكية مميزة تختصر أبعاد الوطن بشماله وجنوبه ووسطه وشرقه وغربه داخل تكوينها.. وتختزلها في وعيها.. فإذا قامت كانت قامتها على هامتها الوطن، وإذا جلست كان في أعماقها الوطن.. واذا انشغلت.. انشغلت عن الناس بالوطن، وإذا مدت يدها تصافح لا تمدها إلا إذا ضمنت أن الوطن يرضى عن هذه المصافحة حتى لو كانت عابرة! فيها من الوطن كل شيء.. وكل شيء فيها مبهور بالوطن وممهور بالوطن!! حتى سلوكياتها فيها من الوطن.. نفوذه وحلمه وطيبته وانسانيته وجلاله وهيبته وتسامحه.. وايضا بساطته.. واذا كانت العظمة والبساطة لا تجتمعان فعندها تجتمعان! واذا كان الغني والفقير لا يلتقيان ففي بيتها يلتقيان والكل يجتمع.. والكل يلتقي.. لأنها لا تميز بين الناس لفقرهم وغناهم إنما يتميزون عندها بوطنيتهم! فكلما كان منهم الوطني الصدوق كان هو الأقرب، ولا تلتفت لاسمه ولا لمكانته ولا ثروته ولا جاهه.. يهمها أن يكون وطنيا صادقا وبعد هذا تقبله ولو كان أشعث أغبر! فيها أخلاق أول ما ظهرت مكارمها وعرفناها كانت تتأسى بأوصاف الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامه وصحبه والتابعين الأخيار رضوان الله عليهم وكأنها من زمنهم، أو عاشت طبائعهم فأخذت عنهم وأغدقت به على عصرنا الذي نعيش معها فيه حتى جملته وزينته وأعادت لنا ثقتنا فيه! الأصالة فيها لا تتغير والخلق الكريم لا يتبدل.. إنما يتبدل فيها شيء واحد هو قلقها على الوطن! يزيد إذا مس الارهاب جدارا واحدا من جدرانه أو شارعا واحدا من شوارعه أو بيتا واحدا من بيوته، ويخفت كلما أيقنت ان يد الارهاب قد قطعت، والسكينة الى الوطن عادت، ثم لا تلبث ان تتحرى وتسأل ما الأخبار؟! كيف حال الوطن اليوم؟ وتبحث في كل المواقع الإنترنتية عن كل ما يتعلق بالوطن ولا تقف قط صامتة، كأنها تقوم بمهمة كُلِّفت بها بينما هي من تلقاء نفسا أرادت ان تعيش مع الوطن لحظة بلحظة منذ ان تصحو الى ان تنام! ربيبة البيت الملكي والدتها (فهدة) رحمها الله تعود جذورها الى (شمر) وما يمكنني أن أقول عن هذه البيئة أكثر مما قاله عنها الشعراء قديما وحديثا، وأخوها الملك عبدالله بن عبدالعزيز وهل يخفى قمرنا؟!!
وهي الشقيقة الصغرى له. أما والدها فالملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود تحدثت كل كتب التاريخ عن مكارم أخلاقه وتعددت الآراء حول جهوده الحربية إنما كلهم اتفقوا عربا وعجما على مكارم أخلاقه، وهي فرع من ذاك الجذر الضارب في عمق الأرض الممتد إلى عنان السماء ولعلي في هذا اليوم الأغر اهنئ صاحبة السمو الملكي الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز آل سعود لأقول: كل يوم.. وطني: أنت بألف خير.

خطأ مطبعي حصل في مستهل مقال أمس “ارفعوا الراية” أدى الى التباس في المعنى، والصحيح هو: “اكتب وغدًا ذكرى اليوم الوطني وقد تحققت أمانينا التي كاد اليأس أن يجرفها لوطأة ما لاقاه نداؤنا بتمجيد ذكراه من عنت يمنع الاعلان عن زهوّنا به فرحًا وحفاوة”.