حب الوطن من الإيمان لأنه ينبع من داخل الإنسان فيملأ عليه الكون بهجة وسعادة ويرتد إليه فيغمره بفيوضات الرضى والقناعة، فالمحب لوطنه لا يساوم عليه خاصة في الأمور المصيرية. ونحمد الله أن قدر رجال الأمن على توجيه هذه الضربة المحكمة إلى خاصرة الخلايا السبع التي كان أفرادها يسعون للقضاء على كل منجز وطني وتعريض المواطنين للقتل والتدمير دون أن يرمش لهم جفن أو تدمع لهم عين، بل كانوا فرحين مع سبق الإصرار والترصد على تدميره منتظرين تطبيق حكم الله فيهم «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يُقتلوا أو يُصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خِلاف».
حكم واضح من رب عادل حرّم الدماء والأموال إلاّ بحقها وتوعّد بالعذاب الأليم من تسبّب في قتل إنسان بريء وأمر بالمحافظة على النفس وبالتالي على حق الحياة فكل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ولزوال الدنيا أهون على الله من قتل امرئ مسلم فما بالك بقتل مدن بأكملها. وفي الحديث أن الله قد جعل لكل شيء حداً وجعل لمن تعدّى ذلك الحد حداً. والعقوبة في الشريعة الإسلامية أساسها المساواة بين الجرم وعقابه. يقول نبي الرحمة: «المؤمن إلف مألوف. فلا خير في من لا يألف ولا يُؤلف وإذا ائتلف مع المجتمع لا يؤذيه»، وقد سمعنا حجم الأذى الذي سيلحق بالوطن حالة تنفيذ ما تآمروا عليه.
يقول الحق: «ولا تعثوا في الأرض مفسدين» وقد حدّد الله عقوبة المفسدين في الأرض فلا يصح أن نزايد على هذه العقوبة أو نأتي بغيرها فطالما نص الحق على عقوبة ما وجب الخضوع لها ولا نكون ممن قال الله فيهم: «وإذا دُعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون». وجريمة هؤلاء إنما هي جريمة على الشارع والوطن وعلى الحكومة التي أقامتها الشريعة والعقوبة فيها حقاً لله. يقول عليه الصلاة والسلام: «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرّق جماعتكم فاقتلوه» وفي رواية «ستكون هنّات وهنّات» فمن أراد أن يفرّق الأمة وهي جميع فاضربوا بالسيف كائناً من كان. ويقول في من قال له اتق الله يا محمد: «إن من نسله قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد». هدفهم دعوة الأمريكان إلى احتلال منابع النفط. وقد أجمع الفقهاء على قتل الخوارج حتى تذهب شوكتهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم إلى يوم القيامة، ولقد لفت نظري ما صرّح به في (الوطن) غـرة جمادى الأولى مدير إدارة التوعية والتوجيه الدكتور علي النفيسة بأنه لم يتم إخضاع الـ172 عنصراً الذين ضمتهم الخلايا السبع والتي أعلنت وزارة الداخلية عن ضبطها للمناصحة وأنهم ما زالوا رهن التحقيقات وأنهم في طريقهم للمناصحة بعد أسبوع من هذا التصريح وفي ملحق الرسالة 8 جمادى الأولى أكد الدكتور محمد يحيى النجيمي أن التراجعات والاعترافات الأخيرة لمعتنقي الفكر الضال إنما هي ثمار وحصاد لجان المناصحة وأوضح أن معظم المتأثرين بهذا الفكر الضال هم من صغار السن وأنهم يعانون من أمراض نفسية. وهذا في رأيي لا يمنع مؤاخذتهم ما دام عندهم أصل الإدراك والشعور. أمام هذا التناقض الواضح لتلميع وجه المناصحة وإبرازها مع أنها لا تجدي مع أكثر هؤلاء ولا يمكن أن تثمر عن توبة حقيقية، مؤيّداً ما ذهب إليه الشيخ صالح اللحيدان الأمين العام للجمعية العالمية للصحة النفسية أن هذه الفئة تتبع فئة الخوارج والخوارج لم ينقطعوا.
هذا وطننا وهو غالٍ علينا ولا يشفي صدورنا إلاّ أن نرى حق الله وهو يُطبّق على من بغى عليه، هم وشيوخهم ومن صوّر لهم أن الطريق إلى الجنة يمر من أرض الوطن. ويكفي تبريراً لحالاتهم النفسية أنهم فتية غرّر بهم، ولنتصور حجم الدمار ودماء الأبرياء لو نجحت خططهم ونفّذوها. فالعقوبة مانعة للإجرام داعية إلى الانزجار باعثة على الاعتبار وليست المناصحة لمن تشرّب بالفكر التكفيري من ثدي محاضن الإرهاب والمصلحة مع قانون العدالة الإلهي الذي يوجب عقاب الجاني بما يتناسب مع جرمه، لأننا لو تردّدنا بين مصلحة المجرم التي تسوّغ إعفاءه من العقاب ومناصحته وتدليله بالمال ومصلحة الجماعة التي توجب العقاب لوجدنا أن الجماعة أولى لأن قوانين المنفعة تنص على أن منفعة الأكثر تقدّم على منفعة الأقل. لا أدري لماذا الإصرار على المناصحة؟ إنما يكمن العلاج في بث روح الوحدة ومناصحة المتشددين الذين يحاربون كل منجز حتى الثقافة والشعر والقضاء على الفكر الآحادي والتصنيفات ولغة الخطاب المتشدّد ومهاجمة الآخرين والقول إنهم صفر على الشمال. «ولكُم في القصاصِ حياةٌ يا أُولي الألباب» وهذا حكم الله.
ولكم في القصاص حياة
4 يونيو 2007 - 19:42
|
آخر تحديث 4 يونيو 2007 - 19:42
تابع قناة عكاظ على الواتساب