-A +A
عبدالرحمن اللاحم
قرارات مجلس الوزراء بشأن إلغاء بعض البدلات وتجميد البدلات للعام القادم وتعديل بعض الأحكام القانونية فيما يتعلق بالخدمة المدنية؛ جاء بمثابة تدخل جراحي لمواجهة أزمة اقتصادية جاءت على خلفية نزول أسعار السلعة الأساسية التي يعتمد عليها الاقتصاد السعودي، بالإضافة إلى التزامات أملتها الظروف السياسية في هذا الإقليم الملتهب، فهي إجراءات ضرورية لمعالجة تداعيات الأزمة الاقتصادية التي لم تكن الأولى التي تمر بالمملكة وإنما سبقتها أزمات سابقة، وكانت هناك إجراءات تقشفية في حينه وتجاوزتها الدولة بسلام.
والدولة أعلنت بخطاب واضح وصريح من خلال رؤية 2030 أنها باتجاه التخلص من الاستعانة على النفط كسلعة أساسية تعتمد عليها الدولة، وإنما هناك اتجاه لتنويع مصادر الدخل، وهو قرار لا يمكن تطبيقه في لحظته وساعته وإنما لابد أن يسبقه جملة من الإجراءات الطويلة والمعقدة والمؤلمة في بعض الأحيان، لكن النتيجة والتي ستكون بعد سنوات بأننا لن نكون أسرى لأسواق النفط وأننا سوف نتعافى من إدمانه.

وفي مناسبة الحديث عن البدلات والوظيفة العامة فلا بد من التأكيد على أن كثيرا من البدلات الملغاة أو التي ما زالت سارية؛ تصرف لمن يستحقها ومن لا يستحقها، وكان معظمها يمثل هدرا في المال العام بلا مبرر، كما أن الوظيفة العامة ما زالت بحاجة إلى إعادة هيكلة بحيث لا تكون ضمانا اجتماعيا وملاذا آمنا للكسالى غير المنتجين، فالمؤسسات الحكومية تعاني من ترهل بشري هائل تحتاج إلى غربلة حقيقية، وذلك لن يتم إلا بتعديل نظام الخدمة المدنية بحيث يكون من صلاحية الوزير المختص إنهاء التعاقد مع الموظف غير المنتج الذي يحصل على تقدير غير مرض لمدة معينة بعد إنذاره وفق إجراءات قانونية واضحة، عندها تنتهي عبارة (الأمان الوظيفي) التي أغرت غير المنتجين لملء المؤسسات الحكومية بحيث يكون الأمان الوظيفي هو الإنجاز الذي يضمن لك بقاءك وترقيك في سلم وظيفتك.
ومن خلال متابعة لردة الفعل الشعبية؛ وجدت أن الكثير من الناس ليس لديه مشكلة كبيرة مع الإجراءات الجديدة لكن بشرط أن تكون على الجميع دون استثناء وأن يشمل التقشف المخصصات التي تصرف لأناس في منازلهم فهم أولى بأن تنالهم إجراءات التقشف قبل أن تطبق على موظف يعمل على مكتبه من الثامنة صباحا إلى الثانية ظهرا، خصوصا أن أصحاب تلك المخصصات قد أغناهم الله من فضله وليسوا بحاجة إلى تلك المبالغ وخزينة الدولة في هذه المرحلة الحرجة هي أحوج منهم إليها.
* محام وكاتب