صورة مؤثرة جدا تلك التي نشرتها «عكاظ» أمس على صدر صفحتها الأولى لابن الشهيد رئيس الرقباء موسى القبي الذي اغتاله الغادرون في دوريته الأمنية بحي الخضرية بمدينة الدمام. بكائية طارق الطافحة في الصورة تكفي عن ملايين الكلمات التي قد تستخدم لوصف فداحة الجريمة وجرأة المجرمين على رجال يقومون بوظيفتهم الأمنية لحفظ الوطن وأهله. وليس ثمة ما يكفي من كلمات العزاء لكي تكف دموع الولد المكلوم على أبيه؛ حيث لن يجد في عمره الآن وفي حياته مستقبلا ما يفسر هذا الغدر من الخارجين على السلم الوطني الذين لا يسعدهم أن يأمن الناس ويسلم الوطن.
طارق ابن موسى القبي وابننا وابن هذا الوطن يسجل في هذا الموقف المؤثر جدا أسف وأسى المجتمع كله على ما آلت إليه مصائر فئة من أبنائه وبناته الذين تخطفتهم أيادي الإرهاب وغرتهم أماني التنظيمات الإرهابية التي تعدهم بالنعيم المقيم في الآخرة؛ بشرط أن يزعزعوا أمن بلدهم ويقتلوا رجال أمنه ويفجروا مواطنيه الأبرياء دون هوادة في المساجد. لقد ترافقت صورة طارق الموحية بأشد تعبيرات الحزن والأسى مع خبر الإطاحة بثلاث خلايا عنقودية داعشية. وفي هذه الخلايا أخوَان وأخ وأخته تعاونوا على الإثم والعدوان وتآمروا على إزهاق مزيد من الأرواح التي لا ناقة لها ولا جمل في أهداف تنظيماتهم وبغي قادتهم وأفكار منظريهم.
الأمر، كما قلت وقال كثيرون من قبل، جلل ولا بد أن تتنادى له كل الصفوف الوطنية والمجتمعية بجد لكي يمكن تشخيص أو تفسير ما آلت إليه بعض الأفكار المتشددة التي أصبح أصحابها صيدا سهلا لتنظيمات الإرهاب، سواء أكانت هذه التنظيمات سنية أم شيعية، حيث يتنافس الإرهابيون في الطرفين أيهما أشد نكاية بوطنه وأهله، بل وبنفسه أحيانا.
من الضروري قبل فوات الأوان، وهذا طرح ملايين المرات، أن يجري الاعتراف بأن شبابنا وبناتنا يحتاجون إلى تحصين معرفي وثقافي حقيقي يبعدهم عن مواطن التشدد ومزالق الفتن، حيث لا يكفي أن نتمنى ذلك أو نتعامل معه بردود الفعل التي تتبخر بسرعة إثر كل حادث إرهابي.
هذا شيء. والشيء الآخر أنني لم أر إلى الآن فعلا اجتماعيا حقيقيا يتضامن ويؤازر أولاد الشهداء من الجنود الذين يدافعون عن حدود الوطن أو الذين يغدرون وهم يؤدون وظائفهم الأمنية داخل المدن وخارجها. ما يحدث هو تضامن وقتي صوتي أثناء الحادث ثم يعود كل شخص إلى حياته ومشاغله متناسيا أبناء وبنات هؤلاء الشهداء.
الدولة، كما نعلم، تقوم بما عليها في رعاية واحتضان هؤلاء الأبناء، لكن على المجتمع بمؤسساته المختلفة أن يظهر وأن يسجل مؤازرة مستمرة معهم، سواء على الصعيد المادي إن كان هناك حاجة لذلك، أو على الصعيد المعنوي الذي يكون أحيانا أهم من الجانب المادي. ولذلك آمل أن نرى قريبا مبادرات أهلية تساهم في التخفيف عن مصاب أسر الشهداء وتعطيهم الاعتبار الوطني والاجتماعي الذي يستحقونه.
بكاء طارق القبي
20 سبتمبر 2016 - 21:17
|
آخر تحديث 20 سبتمبر 2016 - 21:17
تابع قناة عكاظ على الواتساب