كشفت دراسة علمية حديثة أن البشر يحتلون المرتبة السابعة بين الثدييات الأكثر إخلاصاً لشركائهم الإنجابيين، متفوقين على قرود الجيبون ذات اليدين البيضاء والميركات، لكنهم يتأخرون عن القنادس الأوراسية وقرود التامارين ذات الشارب.

واستخدمت الدراسة التي نشرت في مجلة Proceedings of the Royal Society B، وأجراها عالم الأنثروبولوجيا التطورية في جامعة كامبريدج الدكتور مارك دايبل، طريقة جديدة لقياس درجة الإخلاص من خلال حساب نسبة الإخوة الأشقاء كاملي القرابة (الذين يشتركون في الأب والأم) مقابل الإخوة نصف الأشقاء في التجمعات السكانية.

وبنى دايبل تصنيفه على بيانات جينية وإثنوغرافية من أكثر من 100 تجمع بشري تاريخي ومعاصر، إضافة إلى بيانات من 34 نوعاً فقط من الثدييات (من أصل أكثر من 6000 نوع معروف)، نظراً إلى قلة الدراسات المماثلة على الحيوانات.

فأر كاليفورنيا الأكثر إخلاصاً

وتصدر فأر كاليفورنيا التصنيف بنسبة 100% إخوة أشقاء، تلاه الكلب البري الأفريقي (85%)، وخلد دامارالاند (نحو 79.5%). أما البشر، فبلغ معدلهم 66%، متأخرين عن القنادس الأوراسية (73%)، لكنهم متقدمون على الجيبون ذات اليدين البيضاء (63.5%).

في حين تراوحت النسبة لدى البشر من 26% في موقع أثري من العصر الحجري الحديث في بريطانيا إلى 100% في مواقع أخرى في شمال فرنسا، ما يعكس التنوع الثقافي الكبير في أنماط الزواج والتكاثر.

ويُعتبر الإخلاص الأحادي نادراً جداً بين الثدييات، حيث لا يتجاوز 3-5% من الأنواع فقط، مقارنة بـ90% من الطيور، أما أقرب أقربائنا التطوريين، مثل الشمبانزي والغوريلا، فيسجلون نسباً منخفضة جداً (4-6%)، ما يجعل الإخلاص البشري «غير عادي» تطورياً.

الإخلاص الإنجابي السائد عند الإنسان

وتدعم الدراسة «فرضية الإخلاص الأحادي»، التي تقول إن التعاون العالي في المجتمعات يزداد عندما يكون التكاثر أحادياً، ما ينتج أبناء كاملي القرابة ويسهل التعرف على الأقارب.

ويشير دايبل إلى أن انحرافاً بسيطاً عن الإخلاص (مثل 25% حمل خارج الزواج) يخفض النسبة إلى 40%، ما يعيق بناء المجتمعات الكبيرة التعاونية التي ميزت نجاح الإنسان كأنواع.

ورغم التنوع البشري من الزواج الأحادي التسلسلي إلى التعدد المستقر، يؤكد الباحث أن الإخلاص الإنجابي هو «النمط السائد» لدى الإنسان، ساعد في تشكيل شبكات قرابة واسعة ومجتمعات معقدة.