عبوة أقراص باكسلوفيد.
عبوة أقراص باكسلوفيد.




صيني يرتدي قناعاً للتنفس بعدما أعلنت بكين أمس فحص ملايين من سكانها. (وكالات)
صيني يرتدي قناعاً للتنفس بعدما أعلنت بكين أمس فحص ملايين من سكانها. (وكالات)
-A +A
ياسين أحمد (لندن، واشنطن) OKAZ_online@
فيما يتزايد عدد الأطباء الذين يصفون لمرضاهم أقراص «باكسلوفيد»، التي أنتجتها شركة فايزر الدوائية الأمريكية العملاقة، لمعالجة مرض كوفيد-19، خلال أيام من ظهور أعراضه؛ بدأت تطل أسئلة صعبة عن أداء ذلك الدواء، خصوصاً: لماذا أبلغت قلة ممن تعاطوا باكسلوفيد عن إصابتها بالمرض مجدداً؟ وكان الإقبال على باكسلوفيد قد تزايد، بسبب سهولة تعاطيه في المنزل، وللنتائج الطيبة التي حققها بمنع تدهور إصابة المريض. ولهذا أنفقت حكومة الرئيس الأمريكي جو بايدن أكثر من 10 مليارات من الدولارات لشراء كمية من باكسلوفيد تكفي لعلاج 20 مليون نسمة. غير أن الخبراء يقولون إنه لا تزال ثمة جوانب عدة تمكن معرفتها عن هذا العقار، الذي تمت الموافقة على استخدامه في ديسمبر 2021، للبالغين الذين يواجهون مخاطر صحية جمة إذا أصيبوا بكوفيد-19. وجاءت أقوال الخبراء بهذا الشأن بعد دراسة شملت ألف شخص بالغ تعاطوا هذا العقار.

ولاحظت الدراسة أن ثمة حالات نادرة لمرضى أبلغوا عن عودة أعراض كوفيد-19 إليهم، بعد أيام فحسب من إكمالهم علاج باكسلوفيد، الذي يتم تناوله عادة على خمسة أيام. والتساؤل الأهم - في تقرير لأسوشيتد برس - هو: هل لا يزال مثل هؤلاء المرضى قادرين على تمرير العدوى للآخرين؟ وهل يتعين إعطاؤهم وصفة أخرى من دواء باكسلوفيد؟ ذكرت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية الأسبوع الماضي أنها لا تنصح بإعطاء أولئك المرضى الأقراص نفسها مجدداً؛ لأنه لا توجد مخاطر كبيرة من احتمال تفاقم أعراضهم، أو الحاجة إلى تنويمهم في المستشفى.


وكان الطبيب في الهيئة الصحية ببوسطن الدكتور مايكل تشارنس أبلغ الشهر الماضي عن مريض عمره 71 عاماً، تم تحصينه بلقاح كوفيد-19، اختفت أعراض إصابته بعد تناوله أقراص باكسلوفيد. لكنها عادت بعد نحو 9 أيام، مع ارتفاع ملحوظ في مستويات الحمل الفايروسي في جسمه. وقال تشارنس إن باكسلوفيد علاج ناجع جداً. لكنه تساءل: هل هذا العقار أقل نجاعة ضد سلالة أوميكرون الطاغية على إصابات البلاد راهناً؟ ويذكر في هذا الشأن أن باكسلوفيد الذي تكلف وصفته العلاجية 500 دولار تمت الموافقة على استخدامه بناء على نتائج أدائه ضد سلالة دلتا من فايروس كورونا الجديد. وقال تشارنس إن قدرة العقار المذكور على إزالة الفايروس من الجسم قد تختلف حين يتعلق الأمر بسلالة دلتا، مقارنة بأوميكرون، خصوصاً بالنسبة إلى الأشخاص الذين تم تطعيمهم بلقاحات كوفيد-19. ترى هل تكون جَلِيَّة الأمر أن بعض الناس معرّضون أصلاً لعودة أعراض المرض إليهم؟ تمسكت كل من هيئة الغذاء والدواء وشركة فايزر بأن نسبة تراوح بين 1% و2% من الأشخاص الذين تطوعوا في الدراسة الأصلية التي أجرتها الشركة عادت مستويات الحمل الفايروسي لديهم إلى سابق عهدها بعد 10 أيام من تداويهم بباكسلوفيد. وخلصت هيئة الغذاء والدواء إلى أنه ليس واضحاً تماماً ما إذا كانت لذلك صلة مؤكدة بالتداوي بالعقار المذكور. ورجح خبراء آخرون نظرية تذهب إلى أن دواء باكسلوفيد ليس قوياً بما يكفي لاستئصال الفايروس من جسم المصاب. وحذر الأستاذ بجامعة جونز هوبكنز أندي بيكوش من أن ما يثير القلق هو أن ذلك قد يؤدي إلى تشجيع الفايروس على التحور الوراثي، بحيث تظهر سلالات منه مقاومة لعقار باكسلوفيد. وقال بيكوش المتخصص في مكافحة الأمراض المُعدية من أنه ينبغي ضمان إعطاء الجرعة الكافية من باكسلوفيد. يذكر أن شركة فايزر جربت باكسلوفيد على مرضى مصابين بمخاطر صحية عالية، خصوصاً بالغين غير مطعّمين، سبقت إصابتهم بكوفيد-19، ولديهم أمراض مزمنة أخرى، كمرض القلب، والسكّري. وقد أدى تعاطي باكسلوفيد إلى تخفيض مخاطر تنويمهم واحتمالات وفاتهم بنسبة راوحت من 7% إلى 1%.

«متفرعات أوميكرون».. هل تمثل تهديداً ؟

أثار هذا السؤال مجلة «نيتشر» العلمية في أحد أعدادها الأخيرة؛ مشيرة إلى سعي سلالتي BA.4 وBA.5 المتفرعتين من أوميكرون إلى الهيمنة على الإصابات الجديدة في جنوب أفريقيا. وأثارت هاتان السلالتان المتحورتان وراثياً قلق منظمة الصحة العالمية، خصوصاً لجهة احتمال قدرتهما على تفادي فعالية لقاحات كوفيد-19، أو اختراق المناعة الناجمة عن الإصابة السابقة بالمرض نفسه، بقوة أكبر مما تمتلكه سلالتهما الأم، وهي أوميكرون. غير أن علماء جامعة ستيللينبوخ في جنوب أفريقيا، حيث يوجد أهم معمل لتحليل التسلسل الوراثي لسلالات فايروس كورونا الجديد، قالوا إنهم لا يشعرون بقلق كبير من تَيْنِك المتفرعتين؛ إذ إنه على رغم تفشيهما بشكل كبير خلال أبريل الماضي في جنوب أفريقيا؛ فإن عدد الإصابات الجديدة وحالات التنويم لا يزال مستقراً هناك. ويتمسك العلماء بأن الفايروسات تتحور من دون انقطاع، وأنه ليست كل متحورة جديرة بأن تصبح مصدراً للقلق والاهتمام. وأوضحت خبيرة مكافحة الأوبئة بالجامعة الإمبريالية في لندن ويندي باركلاي أن الباحثين يركّزون اهتمامهم على شيئين لا ثالث لهما: التباين في شدة الإصابة بالمرض، وقدرة السلالة الجديدة على اختراق فعالية اللقاحات. وترى باركلاي أن استمرار انخفاض معدلات التنويم والوفاة يمثل مؤشراً إلا أن فايروس كورونا الجديد سيكون أكثر ضعفاً بمرور الوقت. لكنها حذرت من أنه لا يوجد ما يضمن أن يظل الأمر كذلك على الدوام؛ إذ إن تلاقح سلالات كوفيد-19 قد يسفر عن ظهور متحورة قادرة على تفادي فعالية اللقاحات، أو على تفاقم صحة المصاب.