-A +A
محمد داوود (جدة) mdawood77@

رأى استشاري الطب النفسي الدكتور محمد الحامد أن عرض مشاهد القتل في مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الصحف المحلية له انعكاسات نفسية على صغار السن والأطفال اليافعين والسيدات وخصوصًا الحوامل وكبار السن، مبينًا أن جميع وسائل الإعلام تفيض بالمقاطع العنيفة والدامية وخصوصًا مقاطع القتل المباشر، مستشهدًا بالمقطع المتداول والمنتشر بسرعة البرق وتتضمن تفاصيله قيام أحد الجنود في الولايات المتحدة بقتل شخص رفض الامتثال لكلامه بمسدسه بإطلاق النار على رأسه، بطريقة لا إنسانية ومؤلمة.

وقال إن بعض الوسائل الإعلامية تعمد إلى عرض المحتوى العنيف دون أي تردد، ومن خلال التمهيد لهذا النوع من المحتوى بتنبيه يسبق عرضه، ولكن يظل السؤال ما هي المسؤولية الأخلاقية التي تحملها المنصات الإعلامية حتى تنبهنا قبل عرض هذه المقاطع التي تحفز مشاعر القلق والإحباط والاكتئاب، وتكريس الشعور بالعجز والحزن والاعتقاد الدائم بأن العالم مكان غير آمن ومخيف، إذ أظهرت العديد من الدراسات أن مشاهدة هذه المقاطع تؤدي إلى زيادة العدوانية وفقدان الإحساس أو التأثر بالعنف، مع الشعور بالقلق من التعرض إلى أذى والشعور بالخوف.

وتابع «الحامد» أن مشاهدة الأطفال تحديدًا لمقاطع العنف التي تعرضها وسائل الإعلام دائمًا تحمل تأثيراً سلبياً على صحة الطفل النفسية، فقد تنتج ميلاً إلى السلوك العدواني في مرحلة النضج ما يجعله أقل تعاطفاً مع معاناة الآخرين، وكذلك قد تسبب الخوف والهلع من المجتمع والبيئة التي يعيش فيها، ما يجعله يفقد الشعور بالأمان والذي يعتبر من أهم الاحتياجات النفسية في مرحلة الطفولة التي تعتبر مرحلة مهمة تكتسب خلالها العادات السلوكية والاجتماعية وتؤثر أثرًا كبيرًا في شخصيته مستقبلًا.

وشدد على ضرورة تعزيز التوعية بالأثر السلبى لمقاطع القتل عند الأطفال، لأن التعرض لتلك المشاهد باستمرار يزيد نسبة العنف الذى يصبح سلوكًا سهلًا، بل يتحول لوسيلة للتواصل بين أفراد المجتمع مع مرور الوقت، وتزداد معه نسبة المشاجرات فى الشوارع، لأن الفرد يتحول «لا شعوريا» لهذا السلوك نتيجة تكرار المشاهد التى يراها على السوشيال ميديا، وبالتالى لا بد من تكريس التوعية بل الرقابة على الأطفال بعدم مشاهدة تلك المشاهد، لأن كثرتها تُفقد الإنسان آدميته وإنسانيته، رغم أن التعاطى مع مشاهد العنف يختلف من شخص لآخر حسب السن والإدراك والوظيفة، لكن الأهم هم الأطفال، لأن تعرضهم للعنف يجعلهم يقلدونه ويصبحون أشخاصا ذوي طبيعة عنيفة في المدرسة ومع أهلهم، وبالتالي لا بد من وجود رقابة شديدة على الحوادث وظهورها في السوشيال ميديا.

وأكد الحامد أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت الوسيلة الأكثر تأثيرًا في التنشئة الاجتماعية للطفل، لقدرتها على إيصال الرسالة الإعلامية والقيام بدور مهم وحيوي في إطار الوسائل التربوية والتثقيفية والترفيهية، وهذا من شأنه أن يكمل الدور التربوي للأسرة والمدرسة، وأن يكون وسيطًا تربويًا لبث القيم وتغيير الاتجاهات بما ينعكس سلبًا أو إيجابًا على الأنماط السلوكية السائدة في المجتمع، حسب مضمون الرسالة الإعلامية، فخلاصة القول إن مشاهدة مقاطع القتل في مواقع التواصل الاجتماعي تمزق النفس وتصيب بالإحباط، وتترك كآبة في نفوس الصغار والكبار بحيث يفقدون معه شعورهم بالأمان.