حسين نجار
حسين نجار
-A +A
طالب بن محفوظ (جدة) talib_mahfooz@
في البلدة المعظمة مكة المكرمة عاش فصول حياته الأولى.. وفي مدرسته الابتدائية حضرت موهبته مذيعاً ناشئاً فأبهر.. ومن الساحات الرياضية معلقاً، وإلى الإذاعة تحوَّل فتوهج.. ومن أثيرها شنَّف الآذان بما امتلكه من إلهام دفيق، وحس دقيق، وأداء أنيق، وشدو رقيق.. جنى شهرة، وترك بصمة دالة على مروره من هنا.. إنه المذيع الأكاديمي الدكتور حسين نجار.

وفي أجواء الحرم المكي؛ تشرَّب روحانية المكان وطمأنينة الزمان.. من جوار مقام إبراهيم؛ بعث للمسلمين رسالة طمأنينة بانتهاء أحداث الحرم بداية القرن الـ14 الهجري.. وبين الأرض والسماء؛ يسافر بصوته مع «جَوَّابي» الطائرات بدعاء الأمان «اللهم هوِّن علينا سفرنا هذا واطْوِ عنا بُعْدَه».


حين أخذ «الراديو» ذلك الأسمر طويل القامة باذخ الجبهة إلى أحلامه الخيالية؛ قال كلمته فقَّدم أول برامجه «حدائق منوعة».. ولما ظهر صوته المحمول على لغة متدفقة وإيقاعات تتموج بين براءة وردة وخرير شلال؛ أطلق مشواره ململماً رحلته الإعلامية بين الهواء والأثير «مذيعاً» والتدريس الجامعي «أستاذاً»، ومعهما شيءٌ من الريادة.

وبين رغبة متدفقة وعشق «الميكرفون»؛ تواجد داخل أروقة الإذاعة.. وبين توارد الخواطر وعمق الأفكار وترادف المعاني وتدفق البيان؛ كتب في مرحلة «التجريب» رواية بداياته «الأثيرية»، بتجليات شعور متدفقة، وهدير مشاعر محسوسة، وزخات عواطف مرصوصة، فأرعدت تجلياته في حالة «إبداع»، ليقزِّم بها من يرص مسموع الكلمات المفتقرة إلى «موهبة».

عندما آمن بذكاء المستمع وثقافته؛ حرَّك حواسه، وجزَّل لغته، وطوَّر نصه، وثقَّل برامجه، فبسط مرتكزاته لاختراق دهاليز الفكر الإعلامي وأقبيته.. وبين توغّر صدره بحب «الإذاعة» وإبحار في أزقة «التلفزيون»؛ ضحى من أجلهما، ونسج معهما صبر المهنة، ولثم خد اللذات شوقاً لهما.

عند رحلته الإعلامية والأكاديمية الطويلة؛ مسيرة حياة حملت ذكريات الزمن الوفيرة بصنوفها التعليمية والمسموعة والمرئية والمكتوبة.. ومع الكلمة والوصف والشعور المرهف؛ كان مثل نحلة برية تنقلت بين الأزاهير بترانيم طربية نازفة، حَطَّت على أجملها منظراً، وأحلاها مذاقاً، وأروعها سحراً.. وكأنه شِعْرٌ خالبٌ كسحاب يُومِض بَرْقه حتى يرجى مطره.