خلف شوارع برلين الصاخبة وواجهات المدن الألمانية الحديثة، تختبئ أنفاق ومخابئ سرية صُممت لحماية المدنيين من الغارات الجوية أثناء الحرب العالمية الثانية (1939-1945). واليوم، أصبح بإمكان الزوار استكشاف هذه الممرات الخرسانية الضخمة، لتجربة تاريخ الحرب كما لم يشعروا به من قبل.
- برلين: الغوص تحت 15 متراً من التاريخ
توفر جمعية «برلين تحت الأرض» جولات فريدة داخل أكبر المخابئ التي بُنيت أثناء الحقبة النازية. الجولة الأشهر، «من أبراج المضادات إلى جبال الأنقاض»، تأخذ الزوار عبر 3 طوابق من أصل 7، على عمق أكثر من 15 متراً تحت سطح الأرض، حيث تُعرض قصص المدنيين الذين عاشوا تحت القصف.
ولا تتجاوز درجة الحرارة داخل الممرات 10 درجات مئوية حتى في الصيف، ما يجعل ارتداء ملابس دافئة وأحذية مريحة أمراً ضرورياً. وتستغرق الجولة نحو 90 دقيقة، مع تذاكر تُباع بسعر 17 يورو.
- هامبورغ: مخبأ «برلينر تور» العميق
في شمال ألمانيا، تحت محطة مترو هامبورغ، يقع مخبأ «برلينر تور» الذي شيد عام 1940 على عمق 11 متراً، وجدرانه بسماكة مترين. وكان المخبأ ملاذاً لنحو 800 شخص أثناء الغارات الجوية المدمرة لعام 1943، في عملية «غوموراه».
والجولات هنا محدودة العدد، وتشرف عليها جمعيات توثيق الحرب، وتتيح للزوار تجربة الحياة تحت الأرض كما عاشها المدنيون. ويعتبر الوصول سهلاً عبر المترو، والرحلة من برلين تستغرق نحو ساعة و45 دقيقة.
- بون: مخبأ الحكومة وسر الحرب الباردة
وقرب بون، يقع في وادي آر متحف موقع توثيق مخبأ الحكومة في أهرفايلر، وهو جزء من مجمع ضخم يمتد 17 كيلومتراً من الأنفاق الخرسانية المتداخلة، بُني خلال الحرب الباردة. واليوم يمكن للزوار استكشاف نحو 200 متر فقط، تشمل غرف القيادة وأجهزة الاتصالات وتجهيزات الطوارئ كما كانت في الستينات.
ويبلغ سعر التذكرة نحو 15 يورو، مع خصومات للطلاب وكبار السن. ويُعدّ الوصول سهلاً من فرانكفورت أو كولونيا عبر القطار السريع، مع متابعة قصيرة بالقطار الإقليمي إلى أهرفايلر.
تجربة استثنائية
ويشيد الزوار بالرحلة على منصات مثل «تريب أدفايزر» و«غوغل»، معتبرين التجربة مهيبة وواقعية. فالأنفاق ليست مجرد مواقع تاريخية، بل ملاجئ دفاعية حقيقية أعادت للحياة معنى النجاة والصمود، وتسمح للزائرين بفهم مدى تأثير الحرب على المدنيين وأهمية الشجاعة اليومية في زمن الخطر.
ويمكن القول إن زيارة هذه الأنفاق ليست مجرد رحلة ترفيهية، بل رحلة ثقافية تغوص بك في أعماق التاريخ الألماني، لتروي قصة المدن التي ناضلت للبقاء والنهضة بعد الدمار.