-A +A
عكاظ (الرياض)


أكد الدكتور عبدالله الزهراني مدير عام البحوث والدراسات الأثرية في قطاع التراث الوطني بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أن المملكة أصبحت من الدول المتقدمة عالمياً في مجال البحوث والاكتشافات الأثرية خلال السنوات الخمس الماضية، مشيراً إلى أن 44 بعثة أثرية دولية ومحلية تقوم بأعمال تنقيب أثري في مختلف مناطق المملكة هذا العام من بينها بعثة إيطالية سعودية مشتركة.


وتحدث د. الزهراني في مؤتمر صحفي لوسائل الاعلام الإيطالية بمعرض "روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور"، الذي افتتحه صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة، ومعالي السيد داريو فرانسيسكيني وزير الثقافة الإيطالي، الثلاثاء الماضي في المتحف الوطني الروماني بالعاصمة الايطالية روما، متناولاً جوانب من أهم الاكتشافات الأثرية في المملكة التي تعكس حضاراتها ومخزونها التراثي.

وقدم د. الزهراني في المؤتمر الصحفي الذي حضره نائب الرئيس لقطاع التراث الوطني بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الأستاذ رستم بن مقبول الكبيسي وعدد من المسؤولين في وزارة الثقافة بالمملكة، إضافة إلى مديرة المتحف الروماني بإيطاليا، وعدد كبير من الإعلاميين الايطاليين ، قدم شرحاً عن المعرض والقطع الأثرية المهمة التي يعرضها من مختلف الحضارات التاريخية التي شهدتها أرض الجزيرة العربية.

وقال: "لقد أصبحت المملكة العربية السعودية من الدول المتقدمة في الكشوفات الأثرية، حيث أبرزت الاكتشافات الأخيرة التي قامت بها مجموعة البعثات المحلية والعالمية المكانة التاريخية للمملكة وعمقها الحضاري وكونها مهداً لبدايات الحضارات الإنسانية".

وأشار د. الزهراني إلى أن الأبحاث الأخيرة كشفت أن أراضي المملكة العربية السعودية - كونها تشغل أكبر مساحة من الجزيرة العربية - كانت مأهولة ونابضة بالحياة البشرية والحيوانية لما تميزت به من مقومات طبيعية جاذبة للعيش فيها منذ أكثر من مليون سنة، وكانت حافلة بالأنهار التي تجري على أرضها والبحيرات والمساحات الخضراء التي جعلت منها مستوطناً وملتقى للحضارات عبر الحقب المختلفة.

وأبان أن هذه المكتشفات الأثرية ترسخ البُعد الحضاري للمملكة وأنها ليست طارئة على التاريخ، وأن المكانة التي تحظى بها اليوم بين دول العالم على المستويات الدينية والسياسية والاقتصادية والحضارية إنما هي امتداد لإرث حضاري عريق، بالإضافة إلى الموقع الجغرافي المميز الذي جعلها نقطة التقاء لطرق التجارة الدولية البرية والبحرية عبر جميع العصور، وأدت دوراً مميزاً في التواصل الثقافي والاقتصادي بين الشرق والغرب، وأن الدين الإسلامي العظيم الذي انطلق من أرض المملكة إلى العالم، خرج من أرض غنية بتاريخها وحضاراتها واقتصادها.

وأوضح د. الزهراني أن معرض " روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور"، الذي تمثل روما محطته السابعة عشرة ويستمر ثلاثة أشهر، يشتمل على أبرز روائع القطع الأثرية من مختلف مناطق المملكة التي تم الكشف عنها من أعمال المسح والتنقيب الأثري، حيث يحتوي المعرض على (326) قطعة أثرية، موزعة على 6 أقسام رئيسة هي: قسم المقدمة ويحتوي على ثلاث قطع أثرية تمثل ثقافة المسلات الحجرية وتعود بتاريخها إلى الألف الرابع قبل الميلاد، وقسم ما قبل التاريخ، ويحتوي على (52) قطعة أثرية من مختلف مناطق المملكة، وقد تم اختيارها بناءً على أهمية الأدوات الحجرية وطريقة صناعتها في فترة ما قبل التاريخ، وتعد القطع الأثرية من موقع المقر بمنطقة عسير أهم محتويات هذا القسم، أما القسم الثالث فمخصص لحضارات تاروت ، ديلمون ، العبيد، ويحتوي على (55) قطعة أثرية من الحضارات التي نشأت في شرقي المملكة وكان لها تواصل حضاري مع حضارة ما بين النهرين بالعراق، وهو ما يؤكد بشكل قاطع العلاقات الدولية للجزيرة العربية خلال تلك الفترة، بالإضافة إلى ازدهار طرق التجارة في الجزيرة العربية.

ويشمل القسم الرابع حضارات تيماء، العلا، قرية الفاو، ثاج ، الجرهاء، وحضارات الألف الأول قبل الميلاد إلى القرن السابع الميلادي من خلال (125) قطعة أثرية من عدة مواقع أثرية بالمملكة؛ من أهمها مواقع تيماء، العلا، الفاو، نجران، ويتميز هذا القسم بالثراء من حيث نوعية ومواد محتوياته من قطع أثرية. كون هذه المواقع أصبحت من أهم المراكز التجارية في الجزيرة العربية.

فيما يحتوي القسم الخامس لحضارة الفترة الإسلامية وطرق الحج إلى القرن السابع الهجري على (89) قطعة أثرية من عدة مواقع أثرية بالمملكة؛ من أهمها مكة المكرمة، وموقعا الربذة والمابيات بمنطقة المدينة المنورة، ومن أبرز معروضات هذا القسم باب للكعبة وقطعة من الكسوة الشريفة.

أما القسم السادس من المعرض فمخصص للدولة السعودية، ويعرض (42) قطعة تراثية؛ بعضها من مقتنيات الملك المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله، إضافة إلى عدد من قطع التراث الشعبي التي تمثل الفترة الممتدة من الدولة السعودية الأولى إلى مرحلة توحيد المملكة.

وأكد الزهراني في حديثه لوسائل الاعلام الإيطالية أن المعرض حقق نجاحاً غير مسبوق من خلال عروضه، بدءاً من عام 2010 إلى 2019 في أشهر المتاحف العالمية في المدن والعواصم الأوروبية والأمريكية والآسيوية والخليجية، حيث حظي المعرض بزيارة أكثر من 5 ملايين زائر وزائرة.