عصام الثقفي
عصام الثقفي




السفير الثقفي متحدثا للزميل الهتار. (تصوير: مديني عسيري)
السفير الثقفي متحدثا للزميل الهتار. (تصوير: مديني عسيري)
-A +A
محمد الهتار (جدة) alhattar@
الظروف قادتني لأن أقف أمام دبلوماسي محنك، يحمل مفاتيح العديد من الملفات الشائكة التي تتعلق بالسعوديين في الخارج الذين يأملون سماعهم حلولاً طال انتظارها.

جلست أمام سفير خادم الحرمين الشريفين في إندونيسيا عصام الثقفي، وتمنيت عليه ألا يستخدم دبلوماسيته في إجاباته. تبسم، وقال أنا في عقر داركم استوصوا بي خيراً، وثق أننا نعيش حالياً في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، الذي يتصف بالشفافية والوضوح في كل سلوكنا وتفكيرنا، هات ما عندك، وابدأ أسئلتك، وتأكد أن إجاباتي لن تلمس الدبلوماسية ولن تنقصها الصراحة.


الحوار مع السفير الثقفي تناول حزمة من الملفات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، بدأت بالجائحة التي فاجأت العالم، وكيف تعاملت السفارة مع الظرف الاستثنائي المعقد، عبوراً بالزيجات غير الرسمية وتداعياتها وملف العمالة، انتهاء بالتنسيق الأمني بين البلدين، وفي ما يلي نص الحوار:

سعوديون في مطار جاكرتا

• بعد تفشي جائحة كورونا بادرت الحكومة الرشيدة بجهود مكثفة ووضعت كل اهتمامها وإمكاناتها لضمان صحة المواطن والمقيم، وسنت العديد من الأنظمة والإجراءات والبروتوكولات الوقائية للحد من تفشي الوباء.. كيف تعاملت السفارة السعودية في إندونيسيا مع تلك الظروف الاستثنائية الصعبة؟

•• من فضل الله نعيش في ظل حكام حملوا على عاتقهم توفير الحياة الكريمة للمواطنين أينما كانوا وحلوا وحرصوا على متابعتهم وتوفير الأمن والسلامة لهم، ومنذ الأيام الأولى للجائحة، تلقيت كغيري من السفراء توجيهات مباشرة ودقيقة نصت على الاهتمام بالمواطن وتوفير بيئة سكنية آمنة له مع متابعة حالته الصحية، وتزامنت تلك التعليمات مع وجود أكثر من 1000 سعودي في مطار العاصمة جاكرتا منعوا من اللحاق بطائراتهم بعد تعليق الدخول للسعودية، وبحسب توجيه وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، التقيت بهم في المطار وأبلغتهم أن حكومة خادم الحرمين الشريفين مهتمة بأحوالهم، وأن الظروف حالياً تتطلب انتقالهم إلى مساكن وفرتها لهم الدولة مع توفير كافة الخدمات الشخصية لهم وتأمين المواصلات، وفي غضون ساعتين انتقلوا إلى فنادق فخمة وفرت فيها طواقم طبية لمتابعة حالتهم الصحية، وبقوا فيها حتى تم إجلاؤهم وعودتهم الى أرض الوطن.

مبتعثون في إندونيسيا

• هل في إندونيسيا طلاب مبتعثون.. وفي أي مجال يدرسون؟

•• لا يوجد في إندونيسيا عدد كبير من الدارسين، ومع ذلك نشجع الفكرة الموجودة في الأصل، فالمملكة وإندونيسيا بينهما تعاون كبير بين جامعات البلدين تتعلق بتبادل الأفكار وتوقيع مذكرات تفاهم وإقامة أركان ثقافية، ونعمل حالياً على زيادة المراكز السعودية في الجامعات الإندونيسية الأربعة، كما نعمل على التوسع بقوة مع هذه الجامعات من أجل زيادة التبادل الثقافي.

• ماذا عن الدارسين من الجنسية الإندونيسية في المملكة؟

•• السعودية تقدم سنوياً 500 منحة دراسية للطلبة الإندونيسيين، ويلتحقون بمختلف الجامعات السعودية ويدرسون في مختلف العلوم.

• وماذا عن حجم التبادل التجاري بين البلدين؟

•• للأسف حجم التبادل التجاري بين البلدين لا يصل إلى المأمول والطموح لدى قيادة البلدين التي تسعى إلى زيادة التعاون. قبل جائحة كورونا زار وزير الاستثمار الإندونيسي المملكة، والتقى بالمسؤولين السعوديين، وتم الاتفاق على تطوير الاستثمار بين البلدين، وشكلت العديد من اللجان والاتفاقيات. فالبلدان يمتلكان أرضية خصبة للاستثمار، وبين الحين والآخر يعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، انطلاق مشاريع عالمية في مختلف المناطق والمدن متيحاً للشركات الخارجية المشاركة في هذه المشاريع مثل السعودية الخضراء، الشرق الأوسط الأخضر، نيوم، القدية، البحر الأحمر وغيرها من المشاريع، ولمسنا رغبة الشركات الإندونيسية في المشاركة، ونأمل أن تكون وفق الطموح. كما أن المجال متاح أمام الشركات السعودية لدخول السوق الإندونيسية من خلال المشاريع التي ستنفذ في العاصمة الجديدة.

لا معوقات.. الطموح أكبر

• وردت كلمة «للأسف» في بعض إجاباتكم.. هل يعني ذلك وجود معوقات؟

•• أبداً أبداً، لا توجد أية معوقات، ولكن سقف الطموح عالٍ جداً بحسب تطلعات قيادتي البلدين اللتين تجمعهما علاقة قوية في مختلف المجالات خصوصاً أن البلدين يتميز كل واحدٍ منها بأرض خصبة للاستثمار في مجالات مختلفة.

• ما هي الخدمات التي تقدمها السفارة السعودية لمواطنيها الذين يفدون إلى إندونيسيا للسياحة؟

•• إندونيسيا بلد سياحي، يستقبل سنوياً بين 200 - 250 ألف سائح سعودي، جميعهم يحظون باهتمام سفارة بلادهم ويتلقون الرعاية من قسم شؤون السعوديين الذي يعمل على مدار الساعة، ويقدم لهم الخدمات ويتدخل متى احتاج الأمر، ومتى وقع أحدهم في مشكلة، وتتولى موضوعه حتى عودته إلى أرض الوطن، ونأمل من الجميع زيارة السفارة وتسجيل تواجدهم حتى يسهل علينا مساعدتهم إذا احتاج الأمر.

مشكلة الزيجات غير مادية.. بل إنسانية

• زواج بعض السعوديين من إندونيسيات بعضها بتصريح وبعضها دون، ما يثمر عن أطفال لا يلتحقون بآبائهم.. كيف تتعامل السفارة مع مثل هذه الإشكالات؟

•• للأسف هذه واحدة من الأمور الشائكة التي تواجه السفارة السعودية في إندونيسيا، ونحاول أن نتعامل معها بكثير من الحرص والتفهم رغم أن البعض لا يولي هذا الأمر اهتمامه المطلوب، ورغم أهميته وخطورته وعلاقته بالنسب والإرث والوطن، والسفارة تسعى بكل ما تملك من تنسيق مع الجهات الإندونيسية ذات العلاقة للتصدي للزيجات التي تقع خارج نطاق تصاريح البلدين، ومشكلة مثل هذه الزيجات لا تتوقف عند الزوجين بل تصل إلى الأبناء الذين يضيعون ولا يحصلون على حقوقهم الأبوية، فبعض العناوين قد لا تكون صحيحة كونها تنتهي بسفر الزوج الذي قد يترك زوجته أو طليقته حتى وإن كانت حاملاً.

• في هذه الحال ما هو دور السفارة؟

•• إذا امتلكت الزوجة كافة المستندات الرسمية وتوصلنا للزوج ثبتنا الزواج. وإذا لم نجد التجاوب من الأب أو كانت ظروفه لا تساعده على الحضور تتولى الجمعية الخيرية لرعاية الأسر السعودية في الخارج (أواصر) رعايتهم تحت مظلة السفارة.• هل تكتفي السفارة بهذه الإجراءات فقط؟

•• أبداً، فتوجيهات المسؤولين في وزارتي الداخلية والخارجية تنص على متابعة كافة الأسر السعودية وأبنائها وتوفير كافة الاحتياجات لهم، لكن علينا أن نؤمن أن المشكلة ليست مادية بقدر ما هي إنسانية ومصيرية، المسؤول عنها الأب والمعني هنا المواطن السعودي.

• هل نعتبر أن الأمر وصل إلى حد الظاهرة.. وما دور السلطات الإندونيسية وتحديداً وزارة العدل والسجل المدني؟

•• لا الأمر لم يصل إلى حد الظاهرة حتى الآن وهي حالات فردية لكنها حالات مؤلمة ومحزنة، نتمنى أن تتوقف وتنتهي، وفي ما يتعلق بدور وزارة العدل الإندونيسية والسجل المدني هم غير راضين بهذا الحال وأي طفل لا يثبت نسبه لأي مواطن سعودي يمنح الجنسية الإندونيسية ويستمر تحت رعاية أمه.

توقف وصول العمالة

• ماذا عن ملف العمالة.. متى ينتهي؟

•• وهذا أيضاً من الملفات الشائكة، ومن الملفات القديمة الجديدة التي تسعى كافة الوزارات المعنية بالأمر إلى حلها في أقرب وقت ممكن بعد أن توقف قبل 8 سنوات وصول العمالة الإندونيسية إلى 23 دولة من بينها المملكة. حالياً هناك اتفاق بين البلدين في هذا الخصوص يفترض أن ينفذ، لكن جائحة كورونا أخرت الموضوع. ونصت الاتفاقية على وصول العمالة الإندونيسية إلى المملكة عبر 300 شركة تتولى شؤونهم ورعايتهم وتوفير رواتبهم ومتابعة إجازاتهم مع الطرف المستفيد من خدماتهم، ومسؤوليته باتت تنحصر في توفير احتياجاتهم المادية فقط. ونأمل أن تشهد الأشهر القادمة تنفيذ هذه الاتفاقية.

• كيف ترون التعاون الأمني بين البلدين؟

•• التنسيق الأمني بين البلدين موجود وقائم، والمسؤولون حريصون على تعزيزه ورفع كفاءته في مختلف القضايا بما يحفظ أمن واستقرار البلدين، وسفارة المملكة على تواصل مع مختلف الأجهزة الأمنية الإندونيسية، بالتنسيق وبالتعاون يتم حل العديد من الحالات الأمنية التي قد تحدث في البلدين.. وللعلم المملكة تستقبل سنوياً في موسم الحج أكثر من 230 ألف حاج إندونيسي، وعلى مدار العام تستقبل أكثر من مليون معتمر وزائر، وهذا يتطلب تنسيقاً أمنياً بين البلدين وهو موجود وقائم.

300 موظف في خدمة السعوديين

• المواطن الإندونيسي كيف ينظر لرؤية 2030؟

•• ليس فقط الشعب الإندونيسي، وإنما جميع الشعوب تنظر إلى رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أنها نهضة تنموية طموحة وشاملة ستنقل المملكة إلى مصاف الدول المتقدمة، وبدأوا يلمسون ذلك من خلال إطلاق العديد من القرارات المتعلقة بدخول المملكة كسياح ومعتمرين وحجاج ومستثمرين، ونسعى من خلال الزملاء في السفارة إلى بناء قنوات إعلامية مع مختلف وسائل الإعلام الإندونيسية لشرح ما وصلت إليه المملكة وتغيير نظرتهم أن المملكة لم تعد فقط بلداً للحرمين الشريفين التي عهد الله إليها خدمة ضيوفه، وبلداً لتصدير البترول، وإنما تحولت إلى بلد يقف في مصاف الدول العالمية حتى أنها أصبحت ضمن مجموعة الدول العشرين.

• أخيراً.. كيف ترون دور المرأة في الدبلوماسية السعودية؟

•• أثبتت المرأة السعودية أنها عنصر فاعل في التنمية الاقتصادية وحتى السياسية، ولها دور كبير في التنمية وذات أثر كبير وبالغ في المجتمع؛ وإيمانا بقدرتها باتت تتبوأ مناصب مرموقة في وزارة الخارجية من درجة سفير إلى موظف. ونأمل في القريب أن نرى المرأة السعودية بيننا داخل السفارة في جاكرتا التي تعد من ضمن أكبر 5 سفارات سعودية تضم أكثر من 300 موظف يعملون فيها لخدمة المواطن السعودي.