جابوا العيد
جابوا العيد
-A +A
إبراهيم العلوي (جدة) i_waleeed22@
إنشاء «المحتوى السخيف» أصبح وسيلة للتكسب ومهنة من لا مهنة له بحثاً عن الربح السريع، فتعمد التافهون الخروج عن النص بحثاً عن «الشو»، ليواجهوا عقوبات وضعت لضبط النظام العام وحفظ القيم والآداب العامة والحفاظ على حرمة الحياة الخاصة.

قبل أيام، كشفت الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع رصد أكثر من 4000 مخالفة إعلامية في الربع الأول من 2023؛ منها 570 بلاغاً قدمها الجمهور، وبلغ ما رُصد منها من خلال تعاون الجمهور 15% وذلك عبر قنوات البلاغات المتاحة، وجرى إحالة 826 مخالفة للادعاء العام، وبلغت المخالفات في الحق العام 151، ومخالفات موثوق 198، وتنوعت المخالفات بين مخالفات للمحتوى الإعلامي، والتعدي والإساءة إلى الغير واستخدام لغة مبتذلة، ومخالفات عدم التقيد بضوابط استيراد وتوزيع المحتوى الإعلامي، بالإضافة إلى أجهزة الاستقبال غير المفسوحة. وتم استدعاء أحد صنّاع المحتوى على منصة «تيك توك» لاستخدامه لغة مبتذلة في تواصله مع الجمهور، وعليه تم اتخاذ اللازم لاستكمال الإجراءات النظامية بحقه.


مذيع رياضي متعصب

شملت الاستدعاءات أحد صانعي المحتوى على منصة «سناب شات» بعد نشره محتوى مخالفاً لضوابط المحتوى الإعلامي والذوق العام، في مخالفة صريحة للأنظمة الإعلامية. وعليه تم اتخاذ اللازم لاستكمال الإجراءات النظامية بحقه، كما تضمنت الاستدعاءات 4 من صنّاع المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي نشروا محتوى مخالفاً يؤجج التعصب الرياضي، ويشكك في نزاهة الجهات القائمة على الدوري السعودي، وعليه تم اتخاذ اللازم لاستكمال الإجراءات النظامية بحقهم.

كما رصدت الهيئة مخالفة تأجيج للتعصب الرياضي ضد مذيع برنامج تلفزيوني صدر بحقه غرامة بمبلغ 50,000 ريال، بالإضافة إلى مخالفات ممارسة العمل الإعلاني للأفراد على منصات التواصل الاجتماعي بدون ترخيص موثوق، التي تبلغ عقوبتها 30,000 ريال، كان منها 22 مخالفة على أحد صانعي المحتوى على منصة «سناب شات»، ولتكرار المخالفة فقد بلغ مجموع الغرامات 660 ألف ريال، حيث إن لوائح نظام الإعلام المرئي والمسموع تنص على مضاعفة المخالفة حال تكرارها.

إخلال بالآداب العامة

تضمنت المخالفات الأخيرة غرامة مالية بقيمة 400 ألف ريال على مشهورتَيْن من «مشاهير التواصل الاجتماعي»؛ وذلك بعد نشرهما مقطعاً مرئياً، تضمن «إساءة عبر التواصل الاجتماعي لإحدى الدول الصديقة»، ثم فرضت غرامية أخرى بقيمة 400 ألف ريال على مشهورة عربية زارت السعودية، وارتكبت مخالفات إعلانية.

وشملت عمليات إيقاف مشاهير منصات التواصل الاجتماعي مقيمة عربية الجنسية ظهرت في بث عبر أحد مواقع التواصل وتتحدث بإيحاءات ومضامين تمسّ الآداب العامة. وفي واقعة أخرى، أعلنت شرطة منطقة مكة المكرمة القبض على مواطنة نشرت فيديو تتحدث فيه باللغة البنغلاديشية في مكان عام في جدة بهدف زيادة المتابعين، وجذب الانتباه وممارسة سلوك التسول والحصول على المال بطريقة غير مباشرة.

وتواصل سقوط مشاهير التواصل الاجتماعي بالقبض على مواطن ظهر عبر فيديو وهو يتطاول على الذات الإلهية، وتبين أنه يعاني من اعتلالات نفسية، وتمت إحالته لجهة الاختصاص.

إعلانات عشوائية

أعلنت الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع استدعاء واتخاذ الإجراءات النظامية بحق أحد صناع محتوى الألعاب الإلكترونية لمخالفته ضوابط المحتوى الإعلامي.‏ وأكدت وجوب التقيد بالأنظمة واللوائح المعمول بها عند إنتاج ونشر أو إعادة نشر أي محتوى إعلامي.

وفي إعلان سابق، أكدت هيئة الإعلام المرئي والمسموع رصد معلنين غير سعوديين مخالفين لنظام العمل وقواعد الوافدين دون تراخيص وإقرار منعهم من الإعلانات في منصات التواصل.

وفرضت الهيئة غرامة مالية قدرها 30 ألف ريال على أحد صانعي المحتوى في التيك توك، وإغلاق حسابه 6 أشهر، ونشر اعتذار، وذلك لنشره محتوى مخالفاً يثير النعرات القبلية والعنصرية بين أفراد المجتمع.

لا تروجوا لهم

الأخصائي الاجتماعي طلال الناشري يقول: «فوضى تعيشها منصات التواصل الاجتماعي، وقد يكون السبب استضافة بعض ممن لا يقدم المحتوى الصادق والترويج لهم في القنوات، إذ أصبح ذلك أكبر إعلان لهم حتى تسيدوا المشهد وظهروا في برامج خصصت لهم، وأصبح البعض يقدمها دون تأهيل إعلامي حقيقي ودون شهادات متخصصة مع ادعاء المصداقية لتحقيق القدر الأكبر من المكاسب المادية، والوصول للثراء السريع، الذي تحقق لغالبيتهم، في حين لم يتحقق لهم الوعي المجتمعي بخطورة ما يبثونه وتبعاته على المجتمع فلا سقف يحد تصرفاتهم، ولا حدود لأفعالهم».

السجن والغرامة في انتظارهم

واصلت النيابة العامة تحذيرها من إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده، أو إرساله، أو تخزينه، عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي، مبينة أن مرتكب ذلك يعاقَب بالسجن لمدة تصل إلى 5 سنوات، وبغرامة مالية تصل إلى 3 ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتَيْن.

ونبهت النيابة من أية ممارسات أو سلوكيات تنطوي على إساءة استعمال الهواتف الذكية وفيها انتهاك خصوصيات أماكن العمل بتصوير الآخرين أو التشهير أو إلحاق الضرر بهم، أو بتجاوز الآداب العامة، أو نشر أي من ذلك باستخدام وسائل تقنيات المعلومات المختلفة.

استظراف في غير محله

المحامي والمستشار القانوني ماجد الأحمري، أكد أن التصرفات المخالفة التي تصدر من بعض مرتادي منصات التواصل تأتي من باب الاستظراف والنكتة وإثارة الضحك، وأخرى للبحث عن زيادة المتابعين وتحقيق الربح السريع.

وأوضح أن بعض ما ينشر من شأنه المساس بالرموز الدينية والقيم الإسلامية والآداب العامة عبر وسائل التواصل الاجتماعي يُعد من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف وفقاً لقرار النائب العام، وتصل عقوبتها إلى السجن 5 سنوات وغرامة 3 ملايين ريال.

وأوضح أن العقوبات التي يرتكبها مشاهير التواصل الاجتماعي تختلف في وصفها وعقوبتها وهي تتفاوت ما بين مخالفة نظام الجرائم المعلوماتية والإلكترونية والنظام الجزائي من تسول أو إيذاء لآخرين وفيها يدخل الحق الخاص في العقوبة في حال وجود إصابة أو جريمة نصب أو احتيال وغيرها من الأفعال الجرمية.

تأثير المشاهير.. لا يمكن إنكاره

أكد خبير الأدلة الجنائية العميد متقاعد صالح بن زويد الغامدي أن تأثير مشاهير التواصل الاجتماعي على المتابعين لا يمكن إنكاره، فهم يحظون بقاعدة متابعين كبيرة، يتأثرون بمحتواهم الذي لا يتوقف عند حدود الإعلانات، بل يتعدى ذلك إلى ممارسات وتصرفات لا تتناسب مع عادات وتقاليد المجتمع، يخالف بعضها الأنظمة وتتجاوز أخرى التشريعات، ويعمد آخرون إلى تقديم محتوى مزيف وخادع يؤثر على الأسر ويتلاعب بالنشء.

وأضاف، أكدت لنا الأيام الحاجة لوضع تنظيم لمنصات التواصل ومنع الكثير من الأفعال والتصرفات التي تصدر من أولئك المؤثرين، فيكاد لا يمر يوم دون استدعاء أحدهم لمخالفته الأنظمة.

ويشير الغامدي إلى أن منصات التواصل الاجتماعي غزت المتجمعات وأصبح إنشاء المحتوى سهلاً، ووسيلة للتكسب، ليصبح مهنة من لا مهنة له؛ امتهنها البعض لتحقيق الربح السريع وجذب الشركات التجارية للإعلان عبر منصاتهم، لذا بحثوا عن الوصفة السحرية بصناعة المحتوى الذي تضمن التجاوزات، وتضليل المتابعين بمعلومات غير صحيحة والعيش في حياة غير حقيقية تعتمد على الصرف ببذخ يصوِّر للمراهقين وصغار الشباب كما لو أن حياتهم بائسة بدون هذه الأنماط الحياتية، أو أساليب المعيشة وإعلانات مزيفة.