-A +A
عدنان الشبراوي (جدة) Adnanshabrawi@
أكد حكم صادر عن المحكمة الإدارية العليا أن لصاحب العقار الحق في رفع دعوى للمطالبة بالتعويض في حال نقصت قيمة عقاره بسبب قيام مشروع حكومي. وأوضحت مصادر، أن الأحكام الصادرة عن المحكمة العليا تعد سوابق قضائية ملزمة تعتد بها، وتستند إليها جميع المحاكم الإدارية.

وانعقدت الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المكون من 3 أعضاء، وبحضور أمين سرها؛ للنظر في الاعتراض المقيد بسجلات المحكمة بعد أن استوفت المحكمة الأوضاع الإجرائية، وفقا للأحكام والأحوال المنصوص عليها في المادة الرابعة والخمسين من نظام المرافعات أمام ديوان المظالم. وبحسب الحكم، الذي اطلعت عليه «عكاظ»، تتلخص الوقائع حسبما يتبين من الحكم المعترض عليه، والاعتراض المقدم عليه، وما أرفق به من مستندات في أن ورثة سبق أن تقدموا إلى المحكمة الإدارية بدعوى طالبوا فيها بإلزام إحدى الأمانات بالمنطقة الشرقية بتعويضهم عن نقص قيمة عقارهم نتيجة تحويل الشارع الذي يقع عليه العقار من شارع رئيسي إلى شارع فرعي.


وباشرت المحكمة الإدارية الأولى القضية ثم أصدرت فيها حكمها وقضت فيه بإلزام أمانة في المنطقة الشرقية بأن تدفع للورثة مبلغ قدره (۲.۰۰۰.۰۰۰) ریال؛ للأسباب التي أوضحتها.

إلغاء الحكم ورفض الدعوى

وباستئناف الأمانة الحكم أمام محكمة الاستئناف الإدارية بالمنطقة الشرقية أحيلت إلى دائرة الاستئناف الثانية بتلك المحكمة التي نظرتها ثم أصدرت فيها حكمها وقضت فيه بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجدداً برفض الدعوى. وأسست حكمها على أن المسؤولية على أساس المخاطر أو بلا خطأ لا يلجأ إليها إلا على سبيل الاستثناء بعد تحقق شروط الأخذ بها، وبتطبيق ذلك على الدعوى يتبين أن الضرر الناتج عن إنشاء الجسر المقابل لعقار الورثة المدعين ليس خاصاً بهم، وإنما هو ضرر عام مما يجعل الدعوى قائمة على أساس غير سليم. وفي وقت لاحق تقدم وكيل الورثة إلى المحكمة الإدارية العليا باعتراضه على حكم محكمة الاستئناف، وطالب فيه بنقض الحكم للأسباب الواردة فيه، التي تتلخص في مخالفة الحكم لأحكام الشريعة الإسلامية، إذ نصت القاعدة الفقهية على أن (الضرر يزال) كما ورد النص بأنه: «لا ضرر ولا ضرار»، ولم يرد في الشريعة اشتراط لجبر الضرر، كذلك مخالفة الحكم للأنظمة المرعية لأن نص المادة (3/‏10) من نظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة عام في ضمان الأضرار التي ينتجها أي مشروع ونصها: «تقدير قيمة التعويضات لأصحاب العقارات المتضررة من المشروع دون أن يقتطع شيء منها لصالحه، وذلك على أساس الفرق بين قيمة العقار قبل تنفيذ المشروع وقيمته بعده». وختم الاعتراض بطلب نقض الحكم.

تعويض أصحاب العقارات عن الضرر الدائم

اطلعت الدائرة المختصة بالمحكمة العليا على الاعتراض واعتبرته مقبولا شكلا، وأما عن الموضوع فأوضحت أن حكم محكمة الاستئناف محل الاعتراض قضى برفض الدعوى بناء على أن الضرر الناتج عن إنشاء الجسر المقابل لعقار الورثة المدعين ليس خاصا بهم، وإنما هو ضرر عام مما يجعل الدعوى قائمة على أساس غير سليم، وهذا الذي انتهت إليه المحكمة محل نظر ولا يتفق مع نظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة الذي قرر مبدأ التعويض لأصحاب العقارات عن الضرر الدائم الذي يصيبهم بسبب نقص قيمة عقارهم نتيجة تنفيذ مشروع من مشاريع الدولة، وهذا المبدأ لم يقيد التعويض بقواعد المسؤولية دون خطأ ما دام أن العقار قد تضرر من المشروع بنقص قيمته فيستحق صاحبه التعويض وفق الآلية الإجرائية التي قررها ذلك النظام، من حيث إثبات مدى وجود الضرر، وتقدير قيمة التعويض عند ثبوته.

استحقاق التعويض بعد ثبوت الضرر

ذكرت المحكمة العليا أن الضرر غير الدائم الناشئ عن المشروع، كالضرر الناشئ عن إغلاق الطريق الموصل للعقار، ونحو ذلك فإنه وإن كانت جهة الإدارة لم تخطئ في تنفيذ المشروع، إلا أن من أصابه ضرر من هذا المشروع يستحق التعويض وفق أحكام وقواعد المسؤولية دون خطأ، ومن أهمها أن يكون الضرر جسيما، وأن يصيب فردا معينا أو طائفة معينة بذواتهم، وأما الضرر الذي يصيب أشخاصا غير محددين ولا معينين بذواتهم، فإن الضرر يصبح عاما على الجميع، ولا تتحقق معه المسؤولية الإدارية دون خطأ؛ لأن ذلك يعد من الأعباء العامة التي يلزم الأفراد تحملها. وبينت المحكمة العليا في معرض تصحيح الحكم أن الحكم محل الاعتراض طبق قواعد المسؤولية دون خطأ على النزاع المائل في حين أن الدعوى هي بالمطالبة بالتعويض عن النقص في قيمة العقار الناشئ عن إنشاء مشروع الجسر استنادا إلى نظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، فيكون الحكم قد أخطأ في تطبيق النظام. ولهذه الأسباب حكمت المحكمة بقبول الاعتراض شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم محل الاعتراض وإحالة القضية إلى محكمة الاستئناف الإدارية بالمنطقة الشرقية للفصل فيها من جديد من غير من نظرها.