لم يكن هذا أسبوع توظيف عاديًا في السعودية، بل كان أسبوعًا كاشفًا أعاد رسم خارطة الطلب على الوظائف، وحدد بوضوح أي القطاعات تصعد وأيها تترسخ، مع تدفق آلاف الفرص الجديدة عبر القطاعين العام والخاص، في مشهد يعكس تحوّلًا اقتصاديًا متسارعًا لا ينتظر أحدًا.
الأرقام الصادرة عبر منصة جدارات تكشف أن سوق العمل دخل مرحلة جديدة، تقودها الصحة والطاقة والتشغيل والخدمات والتقنية، بينما تتحول بعض المدن إلى محركات توظيف حقيقية.
القطاع الحكومي: الصحة أولًا ثم الإدارة
الوظائف الحكومية هذا الأسبوع جاءت ثقيلة وزنًا. فالإعلان عن أكثر من 24 وظيفة تعاقدية ركّز بشكل واضح على القطاع الصحي بوصفه العصب الأكثر طلبًا.
وقادت المشهد الإدارة العامة للخدمات الطبية للقوات المسلحة بوظائف فنية وطبية شملت:
- فني أطراف صناعية
- أخصائي مختبرات طبية
- أخصائي رعاية طبية طارئة
- فني مختبر
- فني سحب دم
- سكرتير طبي
- أخصائي تمريض
وتركزت في الرياض ووادي الدواسر، في إشارة إلى توسع خدمات الرعاية والتأهيل الطبي.
في المقابل، دخلت إدارة المشاريع بثقل عبر:
- مدير إدارة مشاريع في جامعة الملك فيصل
- أخصائي إدارة مشاريع ضمن برنامج تحول القطاع الصحي
بينما حضر الإعلام والاتصال المؤسسي عبر وظيفة أخصائي إعلامي في وزارة النقل والخدمات اللوجستية.
الرسالة هنا واضحة: الجهات الحكومية تطلب خبرات تشغيلية متقدمة أكثر من طلبها لوظائف تقليدية.
القطاع شبه الحكومي: سباق على الخبرات النادرة
صار القطاع شبه الحكومي الأكثر انتقائية هذا الأسبوع، مع الإعلان عن 25 وظيفة تستهدف كفاءات عالية المستوى، لا سيما في:
- التعليم والقياس والتقويم
- الطاقة وكفاءة الاستهلاك
- إدارة المخاطر والتحليل المالي
- الشراكات الدولية
وتصدر المشهد:
- هيئة تقويم التعليم والتدريب
- المركز السعودي لكفاءة الطاقة
- المركز الوطني لنظم الموارد الحكومية
- المركز الوطني لكفاءة وترشيد المياه
في المقابل، سجل مستشفى قوى الأمن بمكة المكرمة حضورًا لافتًا بسلسلة وظائف طبية ثقيلة تشمل أطباء باطنية، وأطفال، وجراحة، ونساء وولادة، وأشعة، ومختبرات، إضافة إلى مدير إداري.
هذا القطاع يرسل إشارة واضحة، مفادها أن الطلب ليس على العدد بل على الجودة والخبرة.
القطاع الخاص.. من الذي يطلب فعليًا؟
تحول القطاع الخاص إلى المحرك الأكبر هذا الأسبوع، مع الإعلان عن 2482 وظيفة دفعة واحدة، لكن الأهم ليس الرقم، بل القطاعات التي تطلب بقوة.
القطاعات الأكثر طلبًا:
- التشغيل والصيانة
- المبيعات والتجزئة
- الضيافة والفنادق
- الخدمات اللوجستية والنقل
- الأمن والسلامة
- التقنية والدعم الفني
- الخدمات العامة والمساندة
المناطق التي تحتضن أكثر الوظائف:
- مكة المكرمة في الصدارة بـ 953 وظيفة
- الرياض تلاحقها بـ 936 وظيفة
- المنطقة الشرقية بـ 239 وظيفة
هذه المناطق الثلاث وحدها تستحوذ على أكثر من ثلثي الوظائف، ما يؤكد أنها تقود النمو الاقتصادي والتجاري حاليًا.
القصة خلف الأرقام
ما يحدث هذا الأسبوع ليس مجرد توظيف، بل:
- توسع مشاريع التشغيل والبنية التحتية
- ضغط متزايد على القطاع الصحي
- انتعاش التجزئة والضيافة
- طلب مستمر على الكوادر الفنية
- صعود الوظائف المرتبطة بالخدمات اليومية
سوق العمل السعودي لا يبحث عن الانتظار، بل عن جاهزية فورية.
ويثبت هذا الأسبوع أن من يملك مهارة تشغيلية، أو خبرة صحية، أو قدرة على البيع والخدمة، هو الرابح الأكبر.
أما الباحثون عن عمل، فهذه ليست مرحلة تصفح، بل مرحلة اقتناص سريع قبل إغلاق الأبواب.