محمد رضا نصرالله
محمد رضا نصرالله




غازي القصيبي
غازي القصيبي




أمل دنقل
أمل دنقل
-A +A
علي الرباعي (الباحة) Al_ARobai@
ما إن نشرت «عكاظ» الرسالة الأخيرة الأثيرة للشاعر أمل دنقل الموجهة لصديقه القاص محمد علوان والمتضمنة إشادة بالمثقف السعودي وامتنان على الإسهام في علاجه بمبلغ مالي محرر بشيك حتى تداعت أكثر من ذاكرة بردود الأفعال وتوالي الإيضاحات التي كان أسمنها وأثراها ما رواه سادن أسرار المثقفين عضو مجلس الشورى السابق محمد رضا نصرالله، الذي كشف لـ«عكاظ» أن مبلغ الشيك المخصص لعلاج الشاعر المصري أمل دنقل تبرع به الملك فهد بن عبدالعزيز (يرحمه الله). وكشف نصرالله لـ«عكاظ» أن الدكتور غازي القصيبي استقبله ومحمد علوان وسمع منهما عن معاناة دنقل ونقلها خطياً إلى الملك فهد بن عبدالعزيز ليتفاعل بدوره مع أزمة مرض الشاعر العربي، مشيداً بدور القصيبي إبان توليه حقيبة وزارة الصحة في مراعاة متاعب وظروف مبدعين، وقال: «لم أنس ذلك اليوم القائظ، حين دخلت برفقة الصديق القاص محمد علوان، على شاعرنا الصديق الدكتور غازي القصيبي - وزير الصحة وقتذاك - وطلبنا منه العمل على إنقاذ صحة أمل دنقل المتدهورة. فتأثر كثيراً، خصوصاً أنه أحد المعجبين بشعره.. وما هي إلا أيام، وإذا به يستحصل على مبلغ مجزٍ من الملك فهد، مساعدة منه لهذا الشاعر العربي الجريء.. وتم تحويل المبلغ إليه - بصمت سعودي معهود - حيث يرقد في معهد السرطان». وأكد نصرالله أن الدكتور غازي ظل يتابع حالة الشاعر حتى وافاه الأجل في 21 مايو 1983. وعد نصرالله موقف المملكة شهماً ونبيلاً في رصد معاناة شعراء وكتاب منهم أمل دنقل الذي عانى طويلاً من مرض السرطان. وأبدى نصرالله أسفاً كون اللفتة الكريمة لم تقابل بشكر أحد من أصدقاء أمل دنقل، رغم أن الكثير من الأدباء والشعراء المصريين علموا بتفاصيل هذه اليد السعودية السخية، إلا أنه لم يشر إليها أحد بمن فيهم الدكتور جابر عصفور، فيما كتبه عن ذكرياته مع أمل دنقل ومرضه، رغم أن هذه اليد السعودية امتدت إلى صديقه قبل اليد المصرية. وتطلع نصرالله إلى أن تصل الرسالة إلى الوسط الثقافي المصري والعالم العربي رداً على تغييب البعض مواقف السعوديين رسميين وشعبيين حين يتعلق الأمر بمثقف عربي. واستعاد نصرالله حكايته الخاصة مع الشاعر الراحل عندما ذهب لزيارته عام 1974 واجتمع معه في مقهى ريش، وعده من الشعراء حادي المزاج ومتقلب المشاعر حد انفلات أعصابه، ويرى أنه إثر هزيمة 1967 لم يتقدم شاعر عربي إلى الوجدان القومي كما تقدم دنقل.

«غازي القصيبي يرثي دنقل ويمرر ملاحظة لشعراء الحداثة»


في مقالته الطويلة لرثاء الراحل أمل دنقل استعرض الشاعر غازي القصيبي ديوان «أوراق الغرفة 8»، وعد أمل دنقل أحد الشجعان الذين أدركوا في المواجهة مع الموت أنه لا وقت للخداع ولا مبرر للكذب، فعبّر عن شعوره تجاه زائره بصدق يصل إلى حد الإحراج، وصراحة تخجل كل حي وبروعة فنية متناهية تصور لنا كيف تبدو الحياة لرجل موشك على الموت، المخاوف، الذكريات، الانفعالات، ترتسم أمامنا بلا رتوش.

وذهب القصيبي إلى أن قصيدة دنقل «ضد من» جمعت حوله الكثير من القراء العرب، وكادت تتحول لظاهرة نزارية بسيرورتها وانتشارها، وقال: «في هذا الديوان الصغير شعر كثير، وشعر الموت هذا إن صدق حدسي سيبقى طويلاً في ذاكرة الحياة والوطن».

ولم يترك القصيبي الفرصة المواتية تفوت دون تمرير ملاحظة للشعراء السعوديين عن مهارة أمل دنقل في استلهام الرمز من تراثه العربي وتوظيفه توظيفاً شفيفاً موحياً دون حاجة لصياغة أحاجي وألغاز يتحدى بها فهم القارئ، ولا أن يطوف الشاعر العربي كالشحاذ يستجدي الأمم الأخرى حكاياتها وأقاصيصها ورموزها.