-A +A
عبدالله فيصل آل ربح
شكّلت الثورة في إيران عام ١٩٧٩ نقطة تحول كبير في المنطقة نعيش آثارها اليوم، ومن المرجح أن تبقى تلك الآثار فاعلة في المستقبل القريب. وبعيدا عن التداعيات الإقليمية وتغير خارطة التحالفات في المنطقة، وبعيدا كذلك عن الشأن الإيراني الداخلي ومدى استفادة الإيرانيين من تغيير النظام الملكي لنظام جمهوري ديني ثوري من عدمه، نناقش هنا تأثير الثورة الإيرانية على وضع الشيعة خارج إيران، وربما يكون الشيعة في الدول العربية معنيين أكثر من غيرهم بهذه المقاربة.

السياق التاريخي


تباينت الروايات التاريخية حول تحوّل إيران من التسنن على المذهبين الشافعي والحنفي إلى التشيع على المذهب الإمامي الاثني عشري. فهناك من يُرجع تشيع الإيرانيين للدولة البويهية (٩٣٢-١٠٦٢م)، وهناك من ذهب لكونها قد تحولت في القرن الرابع عشر الميلادي في عهد السلطان الإيلخاني خدابندا (اولجايتو) بسبب قضية طلاق، وهناك من يرى أن التحول جاء مع قيام الدولة الصفوية في مطلع القرن السادس عشر الميلادي وحاجة الدولة للاستقلال الديني عن الدولة العثمانية؛ غير أنه من المؤكد أن المملكة الصفوية هي من أرسى دعائم ترسيم المذهب الإمامي كمذهب رسمي للدولة والشعب الإيراني. وأيا تكن الرواية الصحيحة، فإننا اليوم نتعامل مع واقع وجود دولة مركزية في المنطقة تتخذ من التشيع الإثني عشري الإمامي مذهبا رسميا لها، وتحتضن ثاني أهم مدرسة دينية للمذهب (بعد النجف في العراق).

حرص ملوك الدولة الصفوية على استقطاب علماء الشيعة الكبار من النجف، وجبل عامل في لبنان والخليج من أجل تأسيس مدارس إسلامية تعلّم الطلبة الفرس أصول المذهب الإمامي وفقهه. وقد دارت مناوشات فكرية بين الشيخين علي الكركي اللبناني وإبراهيم القطيفي حول بعض القضايا العقائدية، غير أن الغلبة السياسية كانت لصالح الكركي الذي دعاه الشاه إسماعيل الأول ليتولى شؤون الدولة الشرعية والفقهية قبل أن يعينه خليفته الشاه طهماسب في منصب «شيخ الإسلام»، بل ويمنحه صلاحيات الحكم الفعلي. وقد ألف الكركي وقتها كتاب «قطيعة اللجاج في حل الخراج» مشرعنًا الضرائب التي يجبيها السلطان، وهذا خلاف المشهور بين فقهاء الشيعة الإمامية. وقد رد على الكركي كل من إبراهيم القطيفي وأحمد الأردبيلي رافضين شرعنة جني وصرف الضرائب من قبل الحاكم «الغاصب للسلطة».

مع تقادم الزمن، واستقرار الحوزات العلمية الشيعية في إيران، لا سيما في قم، قويت شوكة علماء الدين الإيرانيين بشكل احتاج لإعادة النظر في تلك السلطة الدينية المتعاظمة. وقد زاد من تلك المخاوف كون الشيعة لا يعترفون فقهيا وعقديا إلا بالبيعة للأئمة الاثني عشر المنصوص عليها في الروايات التي ينقلونها. وينحصر هذا المصداق في الزمن الحالي على الإمام المهدي المنتظر الغائب منذ عام ٢٦٠هـ. وعليه، فإنه حتى نواب الإمام (أي مراجع التقليد) لا يحق لهم شرعا طلب البيعة لأنفسهم أو الإفتاء بوجوب إعطاء البيعة لحاكم ما مهما بلغ من الصلاح وأيّا كانت درجة إقامته للعدل. وقد شهد التاريخ الإيراني الحديث بعض المناوشات بين رجال الدين والقصر مما حمل ملوك إيران على تبني سياسة تحميهم من الشرعية الدينية التي يمتلكها شيوخ وسادة قم.

بين التاج والعمامة

دأب ملوك إيران في العهدين القاجاري والبهلوي على إبداء الاحترام لمرجعية النجف إلى حد إعلان الرجوع في التقليد الفقهي للمرجع الأعلى في النجف! وقد شكّلت هذه الخطوة مخرجا يسيرا للملك الإيراني صاحب السلطة السياسية والعسكرية في بلاده من حرج مواجهة أصحاب السلطة الدينية. فالمرجع يملك سلطة فقهية على مقلديه بإلزامهم باتباع فتاواه، أمّا من يقلدون غيره، فليسوا ملزمين بالالتفات لمثل هذه الفتاوى. بالمقابل، فإن المرجع الأعلى في النجف يعيش في دولة تحكمها نخبة سنية في بغداد. وبما أن مرجع النجف لا يوفر غطاءً شرعيا لبغداد، فلا يوجد ما يحمل حكامها السنّة على خطب ود المرجع الشيعي الذي لا توجد لديه مصلحة معهم خصوصا في ظل استقلاله المادي عن طريق الحقوق الشرعية.

شكّل تقليد شاهات إيران لمرجع النجف نقطة دعم لهم أمام مراجع قم، كون رأس الهرم السياسي يفضّل مرجعا خارجيا عليهم، وبالتالي فإن المرجع الأعلى في النجف يستطيع الاحتفاظ بثقل مرجعي مدعوم سياسيا داخل الأراضي الإيرانية. بالمقابل، فإن المرجع الأعلى قد حصل على تأييد سياسي عند السلطات غير الشيعية؛ كونه المرجع الفقهي الذي يقلّده شاه إيران. والأمثلة على ذلك كثيرة، نذكر منها قصة للمرجع الأعلى السيد محسن الحكيم (ت. ١٩٧٠) عندما قدم التماسا لدى جمال عبدالناصر من أجل وقف تنفيذ حكم الإعدام بسيد قطب، لكن عبدالناصر لم يستجب لوساطته، كما لم يستجب مع وساطات بقية علماء السنة في العالم. المستخلص من هذه القصة أن مكتب السيد محسن الحكيم كان يعي أن عبدالناصر -الذي يحكم بلدا لا شأن له بالشيعة كمكون سياسي- سينظر لرسالة المرجع بوصفها امتدادا لتحالف بين النجف وطهران وليست مجرد رسالة من شيخ لا نفوذ له في مصر.

بالإمكان سرد مزيدٍ من القصص التي تبين المكانة الكبيرة التي حظي بها مراجع النجف في الأوساط غير الشيعية لاعتبارات سياسية تتلخص في أن هذا المرجع هو الشخصية الإسلامية التي يبجلها ملك دولة مركزية في العالم الإسلامي ومنطقة الشرق الأوسط. هذه المكانة مكّنت مرجعية النجف من مد جسور التواصل مع كثير من الحكومات في المنطقة من أجل تحسين الحالة الشيعية في تلك البلدان وحل الكثير من المشكلات ذات الطابع الطائفي. هذا بالطبع دورٌ لا يمكن أن يقوم به شاه إيران أو رجل دين إيراني يحمل طابعا رسميا بسبب البعد السياسي السلبي الذي من الممكن أن يثار.

وقد حافظ الشاه الإيراني الأخير محمد رضا بهلوي على هويته الشيعية -رغم علمانيته- حتى اللحظات الأخيرة قبل مغادرته للبلاد. فقد أدلى بتصريحه الشهير وهو في طريقه لمغادرة البلاد بأنه حاكم إيران وفق «المشروطة»، وهي الاسم الشائع للحركة الدينية الداعمة للدستورية في الحكم الملكي الإيراني، وفي هذا اعتراف صريح بسلطة رجال الدين في تقييد صلاحيات الملك. بل حتى عند وفاة الشاه في مصر عام ١٩٨٠ أصرت أسرته أن تتم مراسم جنازته وفق الطرق الشرعية الشيعية، واستدعي السيد طالب الرفاعي ليؤم الصلاة عليه بالطريقة الشيعية الإمامية وهو معتمر عمامته السوداء.

التحول الأيديولوجي في طهران

لم تكن ثورة ١٩٧٩ مجرد تغيير لنظام الحكم داخل إيران، فقد تم تغيير مسار السياسة الإيرانية بشكل مناقض تماما للعهد الملكي. فقد كان الشاه محمد رضا بهلوي حليفا مقبولا للأنظمة العربية المجاورة، وحريصا على استمرار ثقافة الحكم الملكي بوصفها ضمانًا للاستقرار. ومن أبرز الأمثلة على هذا التوجه تدخله لصالح السلطان قابوس بن سعيد لإخماد التمرد في ظفار عام ١٩٧١. يضاف للتحالف الملكي مع دول المنطقة تحالف بهلوي مع المعسكر الغربي، فقد كان الشاه حليفا فوق العادة للولايات المتحدة والسياسة الغربية ضد المعسكر الشرقي والفكر الشيوعي.

قامت الثورة الإيرانية على تحالف اليسار بزعامة حزب تودة (الحزب الشيوعي الإيراني) والإسلاميين بزعامة الخميني. وقتها تم تقديم الخميني كواجهة للثورة بسبب شخصيته الكارزمية التي جذبت الجماهير. لم يفطن أنصار حزب تودة لكون هذه الشعبية الجارفة لشخص الخميني ستتطور لتشكّل نقطة محورية لأسلمة البلاد حكومة وشعبا. بل إن الغرب الذي أيقن بحتمية سقوط الشاه بالثورة الشعبية، وجد نفسه أمام خيارين: (١) الشيوعيون الذين سينضمون للمعسكر الشرقي وينضوون تحت مظلة الاتحاد السوفيتي المناوئ للغرب. (٢) الإسلاميون الذين لا يملكون تجربة سياسية تذكر ولن يتحالفوا مع نظام شيوعي ملحد. وعليه فقد كان الإسلاميون أهون الضررين في تقدير المعسكر الغربي! فصعود الشيوعيين يعني صراحة وجود دولة مناوئة ستزعج جيرانها وتغير المعادلة، كون إيران دولة مركزية في المنطقة وليست دولة ذات حجم عادي كحال جنوب اليمن الذي كان يحكمه وقتها نظام موالٍ للاتحاد السوفياتي.

لم تطل المدة ليتضح للغرب والدول المجاورة أن موقف الإسلاميين تجاههم ليس بأفضل من موقف الشيوعيين. فقد ظهر الخطاب الثوري بأدبيات إسلامية بشكل لا يقل حدة عن خطاب الشيوعيين، بما في ذلك الخطاب الأممي وتصدير الثورة. وقد ساهم هذا النهج المؤدلج في سلخ الدولة الإيرانية عن تحالفاتها الإقليمية والدولية إلى أن وصلت حد العزلة السياسية. فقد خرجت إيران من المعسكر الغربي دون أن تتوجه إلى المعسكر الشرقي (كما كان يمكن أن يحدث لو صعد الشيوعيون للحكم)، بالتالي فقد خرجت من المعسكر الغربي إلى منطقة اللامعسكر! وعليه، فقد تراجعت قوة التأثير السياسي الإيراني، وأصبح ظهر النجف مكشوفا لحكومة بغداد، ولم يعد لدى نظام البعث ما يخشاه في حال قام بتصرف عدواني تجاه المرجعيات الشيعية في العراق، وهذا ما فعله لاحقا.

ما بعد الثورة

ظلت العلاقة بهذا المستوى حتى قيام الثورة الإيرانية عام ١٩٧٩، حيث وصل الإسلاميون بقيادة الخميني إلى الحكم معلنين عن نظام سياسي يشغل الولي الفقيه فيه موقع رأس الدولة. وبزوال السلطة السياسية العلمانية لصالح السلطة الدينية التي ضمت السلطة السياسية إليها، انحسرت العلاقة التاريخية بين طهران والنجف. فالولي الفقيه -الذي يلقّب رسما بـ «ولي أمر المسلمين»- يرى نفسه في موقع أعلى من المرجع الأعلى في النجف، وعلى الطرف الآخر، فإنه لا يمكن لمرجع النجف أن يدعم حاكما يملك سلطة الفتوى والآليات السياسية لإنفاذها على الأرض.

منذ سقوط الملكية في إيران خسرت النجف الكثير من أسهمها السياسية في العالم؛ لدرجة أن نظام البعث في العراق تحول لإبداء عدم الاحترام لمراجع النجف دون خشية اختلال التوازنات مع دولة خاض معها حربا استمرت ثماني سنوات. نتذكر في هذا السياق قصة استدعاء صدام حسين للمرجع الأعلى السيد أبو القاسم الخوئي (ت. ١٩٩٢) في أعقاب الانتفاضة الشعبية ١٩٩١، وكيف تم احتجاز الخوئي في بغداد لحين إدلائه بتصريحات تمكن النظام من استغلالها لصالحه. وقد امتد الأمر خلال فترتي الثمانينيات والتسعينيات لتصفية مرجعيات شيعية بارزة في النجف دون أدنى خشية من رد فعل طهران. فقد تم اغتيال مراجع كبار مثل السيد محمد باقر الصدر (ت. ١٩٨٠) والشيخ الميرزا الغروي (ت. ١٩٩٨) والشيخ مرتضى البروجردي (ت. ١٩٩٨) والسيد صادق الصدر (ت. ١٩٩٩) بالإضافة لعديد من المحاولات الفاشلة التي طالت العديد من المرجعيات ومن ضمنها السيد علي السيستاني.

منذ سقوط نظام الشاه عام ١٩٧٩، لم تعد لمرجعية النجف هيبة خارج الوسط الشيعي إلا بسقوط نظام صدام حسين عام ٢٠٠٣ وصعود المعارضة الشيعية للحكم في العراق. ومع هذا التغيير، شكّلت الغالبية الشيعية في العراق مصدر القوة السياسية للمرجعية مما حدا بالدولة العراقية الجديدة لأن تحرص على احترام المرجع الأعلى وعدم محاولة إقصائه من المعادلة السياسية في البلاد. وبناء على ذلك حرصت طهران على مد جسور الود مع المرجعية العليا في النجف ومحاولة التحالف معها في الشأن العراقي. بالمقابل، حافظ المرجع الأعلى السيد علي السيستاني على استقلاليته بخصوص الشأن العراقي بما يخدم العراقيين وفق وجهة نظره.

خلاصة

نستخلص مما سبق أن موقع المرجعية العليا في العراق كان يعيش علاقة تحالف تكافلي -غير مكتوب- مع موقع الشاه الإيراني، فيوفر كل منهما غطاء للآخر بما لا يتعارض مع مبادئه السياسية أو الدينية. وعليه، فقد شكل تغير نظام الحكم في طهران ضغطا سياسيا كبيرا على النجف بخسارة المرجعية داعما سياسيا مهما، ما أدى إلى تضييق شديد على الحالة الشيعية من قبل السلطات العراقية. فنظام البعث الذي يستند إلى ثقافة ثورية كان ينظر بعدم تسامح مع الخطابات الأممية وأفكار «تصدير الثورة» التي تشابه في مضمونها الفكر الماركسي الثوري الذي يخشاه الغرب والأنظمة العسكرية -ومنها البعث- على حد سواء. فخطاب تصدير الثورة المبني على فكرة الأممية ونصرة المستضعفين يثير حفيظة أي حكومة بغض النظر عن مدى إيمانها بالديموقراطية أو الشمولية. وهذا ما جعل المتعاطفين مع الثورة الإيرانية يدخلون في دائرة التشكيك من قبل حكومات بلدانهم، بغض النظر عن نوعية النظام الحاكم في تلك البلدان. فالجمهوريات التي تحكم من خلال حكام ذوي خلفية عسكرية لم يكونوا أكثر اطمئنانا للخطاب الثوري الذي يتبناه النظام الجديد من دول الخليج العربية. وعليه، تحولت إيران بالنسبة لدول المنطقة إلى مصدر قلق يحوم حول استقرارها السياسي.

ولأن مرجعية النجف كانت تعاني خسارة داعمها الإيراني إلى جانب تضييق السلطة السياسية في العراق، فقد خسرت معظم أسهمها السياسية خلال تلك الفترة. بل إن بعض مراجع التقليد في قم، وتحديداً غير المحسوبين على التوجه الثوري، قد امتلكوا نفوذا وعلاقات في العالم الإسلامي أكثر من النجف.

منذ عام ٢٠٠٣ عادت الصفة الاعتبارية لمرجعية النجف بمعزل عن الدعم من طهران، مما يوفر فرصة تاريخية لحكومات الدول التي تعيش فيها نسبٌ وازنة من أبناء الطائفة الشيعية لمد جسور التواصل مع المرجع بصفته الدينية بعيدا عن التحالفات السياسية مع طهران التاج أو العمامة. فالمرجع الديني في النجف يتصرف اليوم من خلال موقعه الروحي والشرعي وليس السياسي، وعليه فإن موقعه يفرض عليه أن يكون على مسافة متساوية من جميع الأطراف الخارجية. بمعنى أوضح، يتعاطى المرجع مع الشأن الديني للشيعة في العالم من منطلق الفقه الإسلامي الذي يدور في ثنائية الحلال والحرام مع بعض التوصيات التربوية بعيدا عن التدخل في الأمور السياسية، ويمارس دوره دون ضغوطات سياسية من حكومة بغداد التي تراجعت قوتها الداخلية والإقليمية. كذلك فإن حكومة طهران لا تملك ما تقدمه للمرجع الأعلى في النجف، كونها لا تبحث عن شرعية من خلال التحالف معه، ولا هو يبحث عن دعم لموقعه عند غير الشيعة نظرا لأن الشيعة قد أخذوا صفتهم الاعتبارية كأغلبية سكانية في العراق من جهة، ولكون مرجعية السيد السيستاني قد نجحت في مد جسور العلاقات الودية مع دول المنطقة. بخاصة مع دول الجوار العربي الذي تتسم أنظمته بالاستقرار السياسي والأمني وبالتقدم التنموي المطّرد، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، ومن علامات هذا التوجه دعم مرجعية السيستاني لسياسات حكومة الكاظمي التي تسعى حثيثاً نحو تطوير علاقتها بجوارها العربي.

تجدر الإشارة في الختام إلى الخطاب الذي يتبناه المرجع السيستاني بالإشادة بالمواقف الوطنية للمواطنين الشيعة في بلدانهم على مدى التاريخ، وحرصه على دفع المواطنين الشيعة تجاه التفاعل الإيجابي مع قضاياهم الوطنية - كل في وطنه- والنأي بأنفسهم عن المواقف التي قد تجر عليهم جرائر التشكيك في ولائهم لأوطانهم وأولوياتهم الوطنية.