-A +A
سلطان فادن s_faden@
لا شك أن الفيلم المثير للجدل جوكر (Joker) لاقى نجاحا تجاريا غير مسبوق على شباك التذاكر كفيلم مصنف «للكبار فقط R» اقتربت من الـ800 مليون دولار معظمها خارج الولايات المتحدة، إضافة إلى الأسبقية الجريئة لإعطاء تقريبا كامل المساحة الرئيسية لإحدى شخصيات الكتب الهزلية (الكوميك) الشريرة أو الفوضوية «جوكر». وهو أحد أهم خصوم شخصية الكوميك البطل محارب الجريمة «الرجل الوطواط» أو باتمان. كتابة سيناريو الفيلم كانت جيدة وأعطت وقتا لبناء شخصية جوكر قبل أن يحصل الانكسار التراجيدي. إلا أن الفيلم لم يصل إلى الامتياز أو الكمال الفني في سماء الفن السابع كما يراه الكثيرون. مخرج الفيلم تود فيليبس (مخرج سلسلة أفلام The Hangover) وبحكم خبرته ذات التركيز التجاري والترفيهي، لم يضف عمقا فنيا لفيلم جوكر، أو حتى أضاف سوداوية لازمة تترك مساحة للمشاهد للإبحار في مخيلته. فالأطر الرئيسية لشخصية جوكر وتكونها بالموازاة مع شخصية باتمان معروفة لقارئي الكوميكس ومتابعي أفلام باتمان، مجهود المخرج فيليبس كان في تفسير أكثر لأسباب تكون وثورة شخصية جوكر. وهذه ممارسة ليست جديدة ومورست في السنوات الأخيرة في السينما، وإن كانت بحاجة إظهار ما هو أبشع وأكثر شرا من جوكر، والمقصود هنا النظام المجتمعي المحيط به، وبغرض كسب العواطف.

أيضا افتقد الفيلم فنيا إلى الأصالة في كتابة القصة، وظهر كتحية وثناء للمخرج الرائع مارتن سكورسيزي، وذلك باقتباس الكثير من الأحداث والمشاهد من أفلامه في السبعينيات «سائق التاكسي» و«ملك الكوميديا»، بل وحتى فيلم «شوارع حقيرة»، بطريقة مباشرة وواضحة يفتخر بها فيليبس. لعل هدفه في الأساس تجنب المخاطرة والبناء بطريقة نوستاليجية على روائع سينمائية سابقة، وهذا ذكاء سينمائي هوليوودي.


أيضا فإن المخرج اعتمد في تعامله مع مدينة باتمان «جوثام» الخيالية حيث تقع كل الأحداث الأصلية في الكوميكس، واستبدلها بتعامل شبه كامل على أنها مدينة نيويورك. وهذا انتزاع لتوجه الكتاب الأصليين لشخصيات (DC دي سي) في حرية الطرح في التعامل مع مدينة جوثام. في الأجزاء الأخيرة لأفلام باتمان للمخرج كريس نولان، صور مشاهده في عدة مدن أمريكية مختلفة لتمييع التعريف الموحد أو ربط جوثام بمدينة واحدة فقط.

لكن يحسب للمخرج في اللقطات الأخيرة للفيلم، ومع ثورة مناصري جوكر، استعان فيليبس بلقطات بداية تكوين شخصية باتمان (الطفل بروس واين) وهذا أيضا ذكاء سينمائي ورمز للتوازن للغرائز الإنسانية وزرع بذرة أمل في خير قادم، أو فتح المجال لجزء مكمل قادم.