المسعود
المسعود
-A +A
علي المسعود*
كثر الجدل عن الأسبرين أخيراً، بين محذرين من استخدامه بسبب المضاعفات والآثار الجانبية المحتملة وبين الذين يتناولونه، وينصحون كل أحد بالالتزام به للوقاية من أمراض القلب وجلطات الدماغ، وكذلك كثر اللغط بخصوص أنواع الأسبرين الموجودة في الأسواق وهل هو بذات الجودة أم لا؟ والكثير من الأسئلة الأخرى التي سأحاول الإجابة عليها من خلال هذا المقال.

يعتبر الأسبرين من أقدم الأدوية وأكثرها انتشاراً في العالم ويمتد إنتاجه وتصنيعه إلى أكثر من مائة عام، وكان سابقاً يستخدم في تخفيف الآلام والتهابات المفاصل وتخفيض درجة الحرارة، وحالياً يعتبر الاستخدام الأكثر شيوعاً هو استخدامه كمسيل للدم ومانع للتخثر والجلطات.


ويعتبر الأسبرين أهم أدوية مرضى القلب الذين يعانون من ضيق في الشرايين التاجية أو أصيبوا باحتشاء في عضلة القلب أو جلطات الدماغ.

ويتميز عقار الأسبرين بكونه مضاداً للتخثر والالتهابات والألم ومخفف للصداع، وهو كغيره من الأدوية له آثار جانبية أهمها النزيف، وتقرحات المعدة والجهاز الهضمي، والحساسية. ولحسن الحظ أن مفعول الأسبرين كمضاد للتخثر يأتي بأقل الجرعات من ٧٥- ١٦٠ ملجم (ويسمى أسبرين الأطفال)، بينما يحتاج المريض لجرعات عالية من الأسبرين لاستخدامه كمسكن للآلام أو مضاد للالتهابات.

السؤال المهم والذي كان أخيراً مثار جدل كبير وذلك بسبب التضارب في التوصيات الطبية القديمة والحديثة: هل يستخدم الأصحاء الأسبرين للوقاية من أمراض القلب والشرايين؟ والجواب يمكن تلخيصه بأنه قديماً كان يوصى من تجاوز الأربعين أو من يعاني من السكري أو غيره من عوامل الخطر للتعرض لأمراض الشرايين أن يستخدم الأسبرين للوقاية، ولكن أظهرت دراسات حديثة عديدة أن استخدام الأسبرين لغير مرضى الشرايين غير مفيد وقد يزيد من احتمالية التعرض للنزيف وغيره من المضاعفات. ومن آخر ما نشر دراسة شملت مراجعة أكثر من ١٥ بحث علمي أجريت على أكثر من ١٦٠ ألف مريض وكانت خلاصة الدراسة أنه لا فائدة من استخدام الأسبرين لغرض الوقاية الأولية إذا كان المستخدم لا يعاني مسبقاً من أمراض الشرايين.

إذن نستخلص من هذه الدراسات أن جدوى الأسبرين إذا استخدم بشكل وقائي محدودة جداً كما أن استخدامه يزيد من احتمالية النزيف الناتج من تقرحات الجهاز الهضمي ونزيف الدماغ، فكانت المحصلة النهائية عدم النصح باستخدام الأسبرين لغير مرضى القلب وتصلب الشرايين.

وينبغي ألا يستخدم الأسبرين إلا بعد استشارة الطبيب فهو المخول بصرف الأسبرين وتقييم الحالة الصحية والموازنة بين المصلحة المرجوة أو الأضرار المحتملة.

وبخصوص أنواع الأسبرين الموجودة في الأسواق، فهي تتواجد بتركيزات مختلفة تتفاوت بين ٧٥ - ٨١ -١٠٠ - ٣٢٥ ملجم. والأفضل اختيار التركيز الأقل مثلا ٧٥ أو ٨١ أو ١٠٠ وذلك لتقليل احتمالية التعرض لمضاعفات استخدام الأسبرين. وأما الفاعلية فهي كلها تقريباً بذات الجودة ولا داعي للقلق، خصوصاً وأن هيئة الدواء والغذاء لها جهود مشكورة في متابعة جودة تصنيع الأدوية والعقاقير واختبار تأثيرها.

وانتشر استخدام الأسبرين المغلف بدلاً من الأسبرين العادي لحماية المعدة من تأثير التعرض للعلاج وبالتالي مشاكل القرحة، ويتم صنع الأسبرين المعوي المغلف للمرور من خلال المعدة، ولا يتفكك إلى أن يصل إلى الأمعاء الدقيقة.

وقد يكون الأسبرين المغلف أكثر خفة على المعدة ومناسباً لمَن أصيبوا مسبقاً بالتهاب المعدة أو القرحات، ومع ذلك، يعتقد كثير من الباحثين أنه لا يوجد دليل على أن الأسبرين المعوي المغلف يقلل من فرصة الإصابة بالنزيف المعوي. علاوة على ذلك قد لا يكون فعالاً بنفس درجة الأسبرين العادي.

* استشاري أمراض القلب والقسطرة التداخلية

ali.almasood@smc.com.sa