-A +A
مازن بن عبدالله الشاعرMazenalshaer95@
خلق الله سبحانه الجبال وجعل فيها العبرة والجمال، فرغم اختلاف ألوانها وأحجامها إلا أن من يراها يسكن قلبه الهيبة والجلال، فقد أبدع الخالق بتكوينها وعظمتها، وكانت ولا تزال رمزاً للصمود والقوة.

هم البشر خلقهم الله شعوباً وقبائل، فمهما اختلف أجدادهم وأعدادهم فكلهم يعود لأصلٍ واحد، اصطفى منهم من يشاء وفضلهم على العالمين، وأعطى من خزائن الأرض والملك لمن يشاء، ومع مرور قرون الزمان والترحال وتقلب الأحوال صار منهم العرب والعجم والشعوب والقبائل، فيتميز بعضهم عن البعض، ويشتهر كلٌ منهم عن الآخر، ويحمل الأحفاد اسم الأجداد أو ما اشتهروا به وتميزوا، ويتكون بذلك اسم القبيلة والعائلة، وتتعاقب الأجيال على هذا الحال، فتتكون لوحةً فنية مليئة بألوان الجمال، ويرى من يتدبر جمالها عظمة الخالق الجبار كما نراها عندما نتأمل الجبال، وهي تزين الأرض باختلاف ألوانها وعظمتها وامتدادها عابرةً للحدود، وأنها جزءٌ لا يتجزأ من تضاريس الدول كما هي القبائل تمتد فروعها وتنتشر أجيالها ليكونوا عنصراً مهماً في تكوين المجتمعات أينما كانوا وحيثما أخذهم الترحال والتجارة.


وكما هي الجبال شامخة وذات أصلٍ ثابت وجذورها في أعماق الأرض وقممها تبلغ عنان السماء، تبقى القبائل تعتز بتاريخها وما لها من الأمجاد، ويتعلم الأحفاد جيلاً بعد آخر تاريخ أجدادهم، وأن عماد حياتهم ونور دربهم هما العقيدة النقية والطريقة السوية والمنهجيةُ المحمدية، وأن التقوى والإحسان هما من يعلو بالإنسان ويجعله قوي البنيان، وأن يشكروا المولى أن أكرمهم بخير الأصل والنسب، وأن يسألوه بأن يكرمهم بخير الأخلاق وأحسنها، ومن أعظمها التواضع والكرم والإحسان، وبها تمام الإيمان ومفتاح جنة الرحمن، فإن لم تجمعنا القبيلة والوطن فستجمعنا راية الإسلام وبعثة سيد الأنام، فكلنا لآدم وآدم من تراب، ومن أبطأ به عمله فلن يسرع به نسبه.

حافظوا على تاريخ أجدادكم، واسعوا إلى سمو المبادئ والأخلاق، وكونوا محل فخر واعتزاز لأحفادكم كما كان أجدادكم لكم بعمارة الأوطان وبناء الجنان شامخين كالجبال، وبالمحافظة على ألوان الجمال التي هي من أعظم آيات الرحمن.