-A +A
خالد بن هزاع الشريف khalid98alshrif@
•• ذات ظهيرة دخلت صومعتي المنزلية لقسط اعتيادي من السياحة الفكرية، تساءلت: لماذا أصبح العتب ديدننا؟!.. بقيت وقتاً في حديث ذاتي أخرجتني منه ابنتي «الدكتورة ضحى» متسائلة عن مصطلح «السماحة النقيَّة».. ابتسمت، كعادتي مع أبنائي، وهمهمت بصوت خفيض: عجباً لكِ يا ضحى، كيف تواردت خواطرنا؟!.. وفي حوار أفكار منهمرة من القلب للقلب؛ كان بيننا نقاش الثلاثين دقيقة عن مفهوم «التسامح».

•• بحبات دموع أخفيتها عن «ضحى» وصوت خفي لا يسمع صداه إلا رب الخليقة، عدت بذاكرتي متأملاً إلى وقت كان أسلافنا يتسامحون في اليوم ألف مرة، كصانع عطر اختصر في زجاجة رائحة ألف زهرة.. تذكرت حينها كيف نَضَّد أسلافنا مجتمعاتهم بأصابع تفْقه كيف تنسج يوميات حياتها.. ومن عودة لذلك العزف الموروث على قِماط القلوب؛ ترجمت أحاسيسي إلى نزعة شبِقة للفضائل.


•• من عَرَف القيم والمبادئ الأصيلة؛ لن يزوره سقم العطاء.. ومن انحسرت الدماثة داخل نفسه؛ بقيت حياته مثل جزيرة وسط البحر انحسر عنها الماء.. ومن لم يجعل رياح المودة تتقاذفه؛ سوف يُسلب الضوء الذي تمنحه له الحياة فلا يشع نوره.. من لم يدرك أن غذاء التسامح مثل إشراقة سعادة صباحية يستنشقها عقب استيقاظه مباشرة؛ فهو كشجرة بلا أزهار ولا ثمار.

•• تمهل يا صديقي ودعنا نغمس أصابعنا في نهر «التسامح» الجاري.. دعنا يا صديقي نبتاع «السماحة» من صيدلية أرواحنا، ليهجم علينا الفرح ويهرب عنا الترح.. تعال يا صديقي لنجعلها حكاية يقرأها من مر على حديقة الفطرة.. عد يا صديقي لنُخرج نحيبنا غير المجدي، فما بيني وبينك أقصر مما بين جفني عين.. وما أجمل أن نجد منارة مضيئة في محيط مظلم.