-A +A
وائل بن عبدالعزيزWAILBARDI@
كنت مع أحد أصدقائي وكان يشكو من ضيق الحال، وأن دخله الشهري لا يقضي الحاجة مع غلو الأسعار في أنحاء دول العالم، فلجأ إلى فتح نشاط تجاري باسم ابنه، وأنه بعد ذلك بدأ يشعر بالسعادة لِسعة الرزق وللراحة النفسية التي اجتاحت جوانحه عند رؤية العاملين لديه وهم يعملون بسعادة لكسب ما يعينهم على متطلبات الحياة ويدعون له لأنه كان سبباً في تهيئة فرص عمل ولقمة عيش كريمة لهم تغنيهم عن البطالة وحاجة الناس، لكنه كان في حيرة إن كان ما يقوم بهِ صائباً أم خاطئاً؛ لأنه يعلم أن ذلك مخالف للأنظمة، وأسرد حديثه أن ليس هذا ما يقلقه لأن عقوبتها غرامة مالية، لكن ما كان يقلقه حقاً الأمانة.

تذكرت حينها قصة صديق طبيب في أحد المستشفيات الحكومية وتذمره حين حررت له مخالفة لامتلاكه عيادة خاصة، ولا أنسى نبرة صوته الصادقة التي التمستها منه أثناء حديثه، إذ تألم عندما يرى المرضى يشتكون من طول فترة انتظار المواعيد لمراجعة المستشفيات التي تستغرق أشهراً، ففتح العيادة للمساهمة في خدمة المجتمع بعلاج المرضى، خصوصاً أن عدد مستشفيات جدة لا يكفي لتغطية حاجة مدينة سكانها تجاوز الثلاثة ملايين نسمة.


عدت لطرح السؤال على نفسي وإلى صُناع القرار في بعض الجهات المعنية ومنها وزارة التجارة، ما الضرر في أن يمارس الموظف حق النشاط التجاري لا سيما أن من أولويات اهتمام الحكومة زيادة دخل الفرد؟

كما أنه في معظم الأزمنة القديمة كان للناس مطلق الحرية للعمل بأكثر من مجال، ومنذ زمن ليس ببعيد أيضاً تم طلب السماح للموظف بممارسة الأعمال الحرة بتأييد من لجنة الإدارة والموارد البشرية بمجلس الشورى بتعديل المادة الثالثة عشرة من نظام الخدمة المدنية الذي كسب 50 صوتاً حينها، وكانت الدراسة المقدمة مِن قبل اللجنة تشتمل على عِدة نقاط؛ منها أن لا يتعارض ذلك مع تأدية واجبه الوظيفي ولا يتم استغلالها بأي طريقة ملتوية لتسهيل عمله التجاري.

وطالما أنه سيطبق جميع اللوائح والأنظمة، ويدفع الرسوم المطلوبة، فلماذا لا يسمح له بدخل إضافي يساعد في دعم دخله، وبذلك نقضي على التستر الذي يلجأ إليه آلاف الموظفين بحيلة كتابة السجل التجاري باسم زوجته أو ابنه أو صديقة؟