في الوقت الذي كانت فيه قناة العربية يوم السبت تبث التسجيلات التي حصلت عليها، والتي توثق بعضاً من مهازل بشار الأسد في سوريا، وتعكس شخصيته السايكوباثية الحاقدة على الشعب السوري، كان الرئيس أحمد الشرع الذي شارك في حوار الدوحة يُجري مقابلة مع مذيعة الـCNN الشهيرة كريستيان آمانبور، التي سألته ضمن ما سألت عن كيف سيقود سوريا بكل مكوّناتها في دولة مدنية موحدة، رغم ماضيه (الإرهابي) كما وصفته. أي أننا في نفس اليوم شهدنا تسجيلات لرئيس سابق توضح بعض مفاهيمه ورؤيته الرديئة تجاه وطنه وشعبه، ورئيس جديد يحاول جاهداً أن يصنع مفهوماً جديداً لإدارة وطن ممزق وشعب منهك، لكن بعض وسائل الإعلام الغربية ما زالت تدندن على ماضيه.

تسجيلات بشار مع مستشارته تكشف لنا كيف كان يتعاطى مع مسؤولية الحكم باستخفاف وحماقة واستعلاء وتهور صبياني. خلال جولة في سيارة يقودها الرئيس تتبسّط معه مستشارته في الكلام ويتبسّط معها أكثر، وكأنهما يتحدثان عن أمور شخصية وليس عن بلد مدمر دفع ملايين الضحايا من شعبه. يستخف ببعض مكوّنات الشعب ويلعن بعضهم، ويسخر من بعض مسؤوليه الكبار، بل ويسخر حتى من لقب عائلته. يتجوّل في الطرقات منتشياً بالذين يقبّلون يده من العسكر، بينما لم تظهر في حديثه أي نبرة تنم عن الحزن أو الأسف على الدمار الهائل الذي كان يتجوّل فيه.

في المقابل، كان الرئيس أحمد الشرع يفنّد بذكاء وموضوعية وشجاعة مصطلح الإرهابي وسردية الإرهاب في حواره مع مذيعة الـCNN، موضحاً ازدواجية المعايير التي لم تصنف بشار الأسد إرهابياً رغم أن نظامه قتل أكثر من مليون شخص، وشرّد أكثر من 14 مليوناً، وغيّب أكثر من ربع مليون، لا أثر لهم إلى الآن، بينما مسيرة تحرير سوريا منه ومن نظامه لم تتعمد الإضرار بالمدنيين حتى وصولها دمشق، وما بعد ذلك، فمن يستحق تصنيف الإرهابي.

الذين شاهدوا سوريا بعد هروب الأسد وأنا من ضمنهم لا يمكن لهم أن يتصوّروا أن نظاماً يرتكب كل تلك البشاعات في وطنه. استخدم كل الأسلحة المحرّمة في حرب إبادة ضد المدنيين، قضى على كل البنية التحتية في مدن سوريا وأريافها، جعل البلد مستباحاً للعصابات والميليشيات، وحوّله إلى واحد من أضخم مصانع وممرات عبور المخدرات في العالم، بينما السوري يبحث عن الخبز والماء المفقودين، وشيء من كرامته المهدرة.

لقد عادت سوريا إلى حضنها العربي بعد سقوط نظام الصبي المعتل نفسياً وزمرته الفاسدة، وبدأت تشرق في الأفق الدولي الذي يليق بها، ورغم كل المصاعب والمتاعب التي تكتنف المرحلة الجديدة إلا أنها بداية فصل جديد وجميل في تأريخ سوريا. وقبل أن نختم لا بد أن نرفع القبعة لقناة العربية التي أكدت لنا بالصوت والصورة في تسجيلاتها التي بثتها حصرياً أن ذلك المختل لم يكن رئيساً ولا حتى مواطناً سورياً حقيقياً. مجرد دمية يلعب بها الرجال والنساء.