-A +A
يحيى الامير
الواقع اليمني يقول بكل وضوح إن الأداء العام للشرعية وصل إلى منطقة مربكة وعلى مختلف المستويات، والواقع اليمني يقول أيضا وبكل وضوح إن الحل لا يكمن في الانقضاض على مؤسسات الدولة وفتح جبهة ثالثة لن يمثل سوى إرباك وتشتيت للمعركة الكبرى التي يخوضها التحالف ويخوضها اليمنيون من أجل استعادة وطنهم من ميليشا أنصار الله الإيرانية .

حالة التيه السياسي في اليمن ابتدأت منذ انطلاق أحداث الحادي عشر من فبراير في امتداد لمشروع 2011 الذي استهدف كل المنطقة والذي تمت مجابهته ومجابهة آثاره المدمرة من أهم قوتين في المنطقة وهما السعودية وحليفتها الوثيقة الإمارات، وهما ذات القوتين المتحالفتين في مشروع عاصفة الحزم وإعادة الأمل في اليمن.


كانت الأعوام الماضية فرصة كبرى للشرعية لتثبت لليمنيين وللتحالف وللعالم أنها الجهاز السياسي والتنموي والأمني الأقدر والأكثر كفاءة لتحمل مسؤوليته التاريخية الكبرى في هذا المنعطف الخطير في تاريخ اليمن، لكن ذلك لم يحدث؛ الجبهات التي يفترض أنها حسمت لصالح الشرعية تشهد هدوءا غريبا وتمثل أبرز عوامل استدامة المعركة، أيضا التوقعات العسكرية الكبرى التي رافقت تعيين علي محسن الأحمر في منصبه تراجعت للغاية بل تحول الوضع إلى مثار للشك والريبة، أيضا المناطق المحررة تحظى بأسوأ إدارة لجوانب التنمية والاقتصاد ولولا الجهود الكبيرة التي يبذلها مركز الملك سلمان والبرنامج السعودي لإعادة إعمار اليمن وأيضا الهلال الأحمر الإماراتي، وإلا لكان الوضع الإنساني أسوأ بكثير.

ذلك الوضع المتردي جدا تحول إلى مبررات واقعية لكل المناوئين للشرعية ومبرر أيضا لاستجابة الشارع اليمني لهم، لكن الناتج الذي ستسفر عنه تفك التحولات وتلك المواقف لا يمكن أن يمثل حلا للواقع اليمني.

المجلس الانتقالي لا يحمل مشروعا وليس لديه أفق سياسي أو مستقبلي، ومع أن قضيته عادلة ومبررة وواقعية إلا أن السلاح ليس هو الحل الأنسب لتلك القضية، وستواجه التحركات العسكرية للانتقالي رفضا من التحالف ولن تحظى بأي دعم من المجتمع الدولي. وبالتالي ما يحدث يمثل فقط حفر تجويف جديد في الملف اليمني سوف يستلزم كثيرا من الجهد والوقت لتجاوزه.

أين يكمن الحل؟ في عدم التخلي عن الشرعية وفي عدم التخلي عن الانتقالي، وفي بناء رافعة سياسية جديدة في المشهد اليمني. ولا توجد جهة في العالم قادرة على القيام بذلك سوى التحالف.

تحتاج الشرعية إلى برنامج إشرافي إصلاحي يجعل أداءها جاذبا وقادرا على تحقيق شيء من الجدوى السياسية والتنموية والأمنية في الداخل اليمني، وفي مشروع التحالف.

ويحتاج الانتقالي إلى برنامج إصلاحي يجعله قوة مدنية يمنية منتمية للمشروع الكبير المتمثل في قيم التحالف وأهدافه، وما لم يحدث ذلك ستستمر الأزمة اليمنية لتصبح عبئا على التحالف وعلى العالم.

لن تستطيع الشرعية التخلص من الانتقالي ولن يستطيع الانتقالي أن يكون بديلا للشرعية وسوف يستمر هذا الاحتدام الذي لا جدوى له ولن يتوقف ولن يتم توجيهه نحو المسار الأنسب إلا من خلال التحالف.

* كاتب سعودي