-A +A
جميل الذيابي
تحاول قنوات مسعورة ومغرضة أن تصور ما يدور في عدن بالأمر الغامض والمربك للتحالف العربي بقيادة السعودية.

لكن الأمر واضح لكل متابع، حيث إن جميع مواقف التحالف العربي لإعادة الشرعية اليمنية إزاء المتغيرات اليمنية مضمنة في بيانات التحالف. لكن تلك القنوات تعسف الحقائق بأن ما حدث في عدن يمكن أن يثير ارتباك السعودية والإمارات ودول التحالف العربي. وهو تحليل خاطئ، لأنه مبني على مقدمات خاطئة، لا بد أن تقود إلى نتائج خاطئة.


فالعلاقة بين السعودية والإمارات، متينة وصلبة وتستند إلى أسس تاريخية راسخة، وهو ما أكده ولي عهد أبوظبي خلال لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بقوله: الإمارات والسعودية في خندق واحد لمواجهة القوى التي تهدد أمن المنطقة، مطالباً الفرقاء المتنازعين في اليمن بتغليب لغة العقل والحوار.

لم يحدث للسعودية طوال تاريخها السياسي أن ساندت انفصال أي شطر من أرجاء البلاد العربية. وهمّها دوماً في مثل هذه الحالات أن تتدخل لمحاولة رأب الصدع بين الفرقاء من أبناء البلد الواحد المتناحرين.

ولم تذهب السعودية إلى اليمن في نزهة، أو لأنها تريد تحقيق مصالح كما تزعم قنوات الأنظمة المريضة التي تحاول الاصطياد بترويج الأكاذيب والفبركات، مضمرة لليمن كل شر.

فقد ذهبت الرياض لتشكيل التحالف العربي لمساعدة الشعب اليمني على استرداد حكومته الشرعية التي يعترف بها العالم، ممثلاً بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وبقية المنظمات والتكتلات الإقليمية. ولن ينكر أحد دور الرياض في تشجيع الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح على المضي في خطة توحيد شطري اليمن بعد الأحداث الأليمة التي أدت للحرب الأهلية اليمنية مستهل تسعينات القرن الماضي.

السعودية والإمارات ترفضان محاولات الاحتراب الراهنة التي يحاول البعض جر اليمن إليها، وهي تخضع للتدخل الإيراني من خلال عملائها الحوثيين الخونة. لأن ذلك يعني ببساطة السماح باندلاع حرب أهلية داخل حرب أهلية. وسيكون لهاتين الحربين ثمن باهظ على الشعب اليمني الذي فرض عليه عملاء إيران الجوع، والأوبئة، والفقر، والجهل. وتبذل دول التحالف بقيادة السعودية ما بوسعها للتخفيف من حدة تلك التأثيرات على الأشقاء اليمنيين.

وفي موقف صارم من قيادة قوات التحالف، طُلب من قادة المجلس الانتقالي الجنوبي وقف النار فوراً، والانسحاب من معسكرات قوات الشرعية في العاصمة اليمنية المؤقتة. لأنه لا يمكن للسعودية أن تتحمل مسؤولية سماح مثل هذه الفوضى بفتح ثغرات لتنظيمي «القاعدة» و«داعش» لتصدّر المشهد اليمني، وكذلك السماح للحوثي وإيران باستغلال تلك الثغرة للسيطرة على اليمن.

لا شك أن مواقف قيادات حزب الإصلاح اليمني، لا يمكن الاعتماد عليها لأنها تعمل وفق أجندات ومصالح دول أخرى وتساير «الحوثيين» لتحقيق مكاسب سياسية بتبعية لقطر الساعية إلى افتعال أزمات في مناطق خاضعة لسيطرة الشرعية.

أن المساس بالشرعية في اليمن خط أحمر، تحميه مواثيق الأمم المتحدة. وسيقف التحالف العربي الذي تقوده السعودية حائط صدٍّ منيعاً ضد أية محاولة للنيل من الشرعية. ولهذا كله عرضت السعودية استضافة محادثات يمنية - يمنية في الرياض لإزالة الخلاف، وتصفية ما بالنفوس، والتفرغ للهدف الأسمى، وهو بسط الشرعية في جميع أرجاء اليمن، واستعادة دوره الحيوي عربياً وإقليمياً ودولياً.

الأكيد أن أزمة اليمن ليست في عمالة مليشيا «الحوثي» وخيانتهم بل في تلون «الإخونج» وكذبهم أيضاً، ومن يتواطأ معهما، ‬من حزب «كنبة» يضع اليد على الخد- بانتظار أن تحكمه إيران أو يديره «الحمدين».أزمة اليمن باتت تنخر جسده من الداخل، ولا بد من وقفة تاريخية صادقة لرجالاته وقبائله المؤثرة لإنقاذه ومعاقبة المارقين ومحاسبة من يتعاطف معهم.