-A +A
حازم زقزوق
في معرض ملحق بمؤتمر دولي للاستثمار في القطاع الصحي الخاص في فلوريدا – الولايات المتحدة الأمريكية، عرضت إحدى الشركات اختراعا ثوريا عبارة عن جهاز صغير، أصغر من حجم الهاتف الجوال، وملحق به عدد من الاكسسوارات التي تماثل ما يستخدمه الأطباء من أدوات لفحص المرضى، مثل السماعة الطبية وجهاز فحص العين والأذن وخافض اللسان، إلى آخره. وتمكن المريض وعائلته من الكشف وأخذ دور الطبيب من فحص المريض عن بعد بشكل كامل. هذا الاختراع الثوري سوف يغير مفهوم الرعاية الطبية عن بعد ويحقق مزايا مستقبلية متعددة في النظام الصحي بشكل عام. اقتربت من ممثل الشركة وسألته «هل لكم رغبة في التوسع في السعودية؟». نظر إلي وإلى بطاقة التعريف الخاصة بي، التي بها اسم الشركة والدولة التي أمثلها، وقال بعدم ود «لا ليس لدينا رغبة بالعمل في بلدك!» استغربت وسألته «لماذا؟» فرد بشكل لا يزال غير ودي «أعتقد أن هذه العبارة سوف تمثل مشكلة في بلدك»، وأشار إلى عبارة صغيرة مكتوبة على الجهاز «صنع في إسرائيل»! نظرت حولي ووجدت أن نحو 4 عارضين من 10 من دولة إسرائيل، إذن نقاطع ولا نستفيد من هذه التكنولوجيا، فكل التكنولوجيا لا تساوي قطرة دم إنسان مسلم واحد أو متر عربي من الأرض. هكذا كانت ولا تزال الحكمة الشعبية التي هي محل تجارة سياسية أيضاً. ثم تفكرت واسترجعت عدد الاختراعات التي قدمت من إسرائيل في المجال التكنولوجي تحديداً ونستخدمها يومياً. الفلاش ميموري (USB) الذي نحمل فيه جميع ملفاتنا هو اختراع إسرائيلي.

برنامج الفايبر للاتصالات المعروف هو أيضاً اختراع إسرائيلي، إذن لماذا لا نتوقف عن استخدامهما؟ والسبب أنه ليس مكتوبا عليهما صنع أو اخترع في إسرائيل! وكأنه قرأ أفكاري، فقال لي إذا بدأنا التصنيع في الصين، فربما تكون هناك فرصة لنبيعها في بلدك! إذن ما هو موقفنا النهائي من الاختراعات الطبية والعلمية الإسرائيلية؟ هل نستخدمها إذا لم يكتب عليها صنع في إسرائيل فقط أم حتى لو كتب عليها، أم لا نستخدمها؟ ماذا لو اخترعوا شيئاً نحتاجه وسوف نعاني كثيراً إذا لم نستخدمه؟ ربما السؤال الحقيقي هو لماذا لا نخترع مثلما تخترع إسرائيل ولماذا لا نستطيع أن نمنع أو نمنح بدلاً من أن نمنع فقط على أنفسنا! الحقيقة أن الحصول على الأرض المحتلة وتحريرها لم يحن وقته ولعل فرج الله قريب. لكن ما بأيدينا هو استخدام عقولنا وتنميتها، ربما يكون في استخدام عقولنا والاستثمار في تكنولوجيا الغد، هي مقدمات وإرهاصات استعادة الأرض. ربما يوماً ما نخترع ما يجعل 4 من كل 10 عارضين في تكنولوجيا الصحة من اختراعنا وليس اختراعهم. وربما ساعتها سوف نقول لهم إن هذا المنتج صنع في السعودية ويمكنكم استخدامه حتى تعتمدوا علينا في حياتكم ويكون احتلالنا لبلادكم هو احتلال علم وصناعة وتكنولوجيا، وإن اختراعاتنا سوف تسبق جنودنا إلى بيوتكم وأماكن عملكم. بل قد تكون هي جنودنا، فلكل زمن حروب ولكل حرب جنود، وجنود حروب هذا العصر هي التكنولوجيا والعلم والابتكار. لصحتكم جميعاً «صنع في السعودية لا في إسرائيل».


* كاتب وطبيب ومدير تنفيذي

hazem.zagzoug@