-A +A
عبير الفوزان
احتفل العالم بانتهاء الحرب العالمية الأولى التي اشتعلت شرارتها باغتيال الأرشيدوق النمساوي فرانس فرديناند عام 1914م واستمرت حتى 1918، كما احتُفل هذه الأيام في باريس بحضور عدد من زعماء العالم بمئوية تلك الحرب. لقد وُثقت لحظة اغتيال الأرشيدوق في لوحة فنية تظهر لك في متصفح قوقل أول ما تبدأ البحث عن حادثة الاغتيال التاريخية والفاصلة. تجمع اللوحة عناصر مركزية وهي الأرشيدوق، وزوجته التشيكية صوفي في سيارة أقرب إلى العربة تعود للعشرية الثانية من القرن الماضي، وذلك أثناء زيارتهما الرسمية لسراييفو، وهم يمرون في شارع يقال له سوق المومسات وبنات الليل في سراييفو.

الباحث عن صور ذلك الحدث التاريخي سيجد تلك اللوحة التشكيلية لفنان مجهول، بالنسبة لي على الأقل، وبالإضافة إلى عناصرها المركزية هناك القاتل الصربي غافريلو برينسيب وهو يطلق النار، بينما صوفي واقفة في العربة في محاولة منها لإنقاذ نفسها أو زوجها، وخارج السيارة هناك عسكريان يظهران في جانب اللوحة يحاولان إنقاذ الموقف، أكثر شيء لافت في تلك اللوحة، التي صارت غلافا لبعض الكتب التي تتحدث عن الحرب، هو الطربوش الأحمر الساقط أمام عجلة عربة أو سيارة الأرشيدوق، بينما كل شخوص الصورة كانوا مرتدين قبعاتهم، بمن فيهم القاتل نفسه الذي أمسك بقبعته الشبيهة بقبعات رعاة البقر. سقوط الطربوش لم يكن سقطة من الفنان الذي رسم اللوحة، بل كان أقرب منها إلى النبوءات بما كان سيحدث مع انتهاء تلك الحرب التي معها انتهت إمبراطوريات الطرابيش بما فيها إمبراطورية النمسا والمجر أهل الطرابيش الأوائل، والإمبراطورية العثمانية التي اقتدت بهم في ذلك الزي.. في تلك اللوحة قال الفنان ما لم يستطع قوله في الحياة.. فترك الفن ليقول كلمته!


* كاتبة سعودية

abeeralfowzan@hotmail.com