-A +A
عبدالرحمن اللاحم
في شارع (١٠٥) في حي الياسمين شمال مدينة الرياض، كانت هناك ملحمة جديدة من ملاحم البطولة والشجاعة لقوات الأمن البواسل ضد الجماعات الإرهابية، دارت رحى تلك الملحمة فجر يوم السبت حيث كان معظمنا نائما في إجازة نهاية الأسبوع، إلا أن أفراد القوات الأمنية كانوا مستيقظين وعلى الموعد، في انتظار اثنين من أشد الإرهابيين خطورة، فأحاطوا بهما إحاطة السوار بالمعصم، وأطبقوا الحصار عليهما، فما كان منهما إلا أن انطلقا تجاه إحدى دوريات الأمن في محاولة يائسة للسيطرة عليها، وقد لفا على جسديهما حزامين ناسفين مشرّكين وبحوزتهما سلاحان رشاشان، إلا أن بطلين من أبطال قوات الطوارئ كانا في استقبالهما بكل بسالة وشجاعة، فواجهاهما بمسدسين محدودي الطلقات، وهما يعلمان أنهما يواجهان قنبلتين بشريتين قد تنفجران فيهما في أي لحظة، لقد كانا في مواجهة الموت، لكن ذلك لم يدفعهما لأن يتراجعا خطوة واحدة إلى الوراء، بل أبرّا بقسميهما بأن يذودا عن تراب هذا الوطن الطاهر، وخلال ثوان معدودة، استطاعا بكل احترافية وبراعة ورباطة جأش أن يردياهما، وجنبا سكان الحي والمارة كارثة إنسانية، في مشهد سيكون عالقا في أذهان كل سعودي، مشهد البطولة والشجاعة والبسالة.

التقى الأربعة في أرض المواجهة، كل منهم يحمل سلاحه، أما الباغيان فكانا يوجهان بندقيتيهما لخاصرة الوطن ولأمنه وسكينته، وأما البطلان جبران عواجي ونادر الشراري فكانا يذودان عنه بصدريهما، لم يفكرا في شيء لحظة المواجهة المرعبة إلا بوطنهما، كان الأربعة جميعهم درجوا على طرقات هذا الوطن، وترعرعوا بين أكنافه، وتنفسوا هواءه، إلا أن شياطين الإنس اختطفوا الإرهابيين وحولوهما خنجرا مسموما في نحر وطنهم الذي كفروا به وباعوه بثمن بخس، أما بطلانا فأثبتا أن هناك عيونا ساهرة على أمننا وأمن هذا الوطن، استرخصت دمها في سبيله، وسطرت ملحمة وطنية خالدة تضاف إلى غيرها من البطولات التي قد لا نراها نحن النائمين في منازلنا، إلا أن التاريخ سيكتبها بمداد الشرف والعزة لأبطال قوات الطوارئ والمباحث العامة وبقية الأجهزة الأمنية. سلامٌ عليك يا جبران وسلامٌ عليك يا نادر، وسلامٌ على أميكما وأبويكما الذين غرسوا فيكما كل هذا الحب لوطنكما وكل هذه البسالة والشجاعة، وسلامٌ على الجهاز الأمني العظيم الذي دربكما وهيأكما لأن تقفا هذا الموقف العظيم الذي سيروى للأبناء والأحفاد في تاريخ معركتنا ضد الإرهاب وقطعان التطرف.