-A +A
عقل العقل
أحب أن أؤكد أن مدارس تحفيظ القرآن الحكومية تمر بشيء من التطوير في مناهجها وبها الآلاف من الطلبة المتفوقين مثل زملائهم في مدارس التعليم العام، ولكن ما أحاول أن أنبه عنه هو ما يحدث خارج تلك المدارس، أحد الأصدقاء ابنه يدرس في إحدى تلك المدارس بمدينة الرياض وهذا خيار والده ووالدته والطفل نفسه وأشرف أن ينهي المرحلة الابتدائية هناك، تفاجأ الوالد قبل أسابيع باتصال هاتفي من شخص لا يعرفه وهنأه بأن ابنه في مدارس التحفيظ طالب متفوق وأن لديهم برنامجاً للمتفوقين لمدة ستة أعوام، صاحبنا طار ورقص من الفرح بهذه البشرى لتفوق ابنه وهو ما يسعى له كل أب وأم أن تشاهد ابنها متفوقاً وأن يكون هناك جهة سوف ترعاه تقديراً لموهبته ومثابرته، للأسف البعض منا لا يتأكد من بعض المعلومات فذلك الشخص المجهول أو الأشخاص حصلوا على معلومات من المدرسة نفسها عن الطلاب فيها وأرقام تلفونات آبائهم وأمهاتهم وتواصلوا معهم خارج صلاحيات إدارة المدرسة، وعملوا قروب في الواتس أب للآباء ومن ثم تم دعوتهم لمكان في أحد سطوح العمارات من قبل نفس الشخص ومعه زميل له وتم إطلاعهم على البرنامج الدراسي الذي سوف يمتد لستة أعوام ويكون وقت الانتظام فيه بعد خروجهم من المدرسة النظامية ويمتد لساعات حتى المساء ويركز في مواده علي مواد دينية في أغلبها تغطي مواد القرآن والسنة والفقه والعقيدة والتاريخ والسير والتربية الإسلامية والإيمانية وغيرها من هذه المواد.

أحد الآباء تجرأ بالسؤال عن ماذا سوف يفعل أبناؤهم عند الانتهاء من هذا البرنامج، كانت الإجابة أنه سوف يُختار بعضهم ويوزعون في مساجد بعض المناطق ليكونوا أئمة ويعلّموا أهل تلك المناطق دينهم.


وأنا أتابع هذه الحالة لا أصدق أنها تحدث في وطننا الذي يعنى بالتعليم وتطويره وملاءمته لسوق العمل وتخفيف سطوة التشدد في مناهجنا أن يدخل أناس من خارج النظام ويضحكوا على البعض باسم الدين مستغلين عواطفهم الجياشة تجاه العقيدة الإسلامية، ولكن علينا أن نكون واعين في ألا يضحك علينا من هذه التيارات الشريرة التي تصور أنشطتها بأنها في صالح الوطن ونكتشف لاحقاً أنها مراكز تفريخ للفكر المتطرف كما حدث مع المراكز الصيفية في عز فترة الصحوة وغيرها التي كانت مرتعاً لنشر الأفكار الدينية المتشددة لبعض الأفراد والجماعات ممن لهم أجنداتهم الهدامة.