-A +A
عبدالله بن بخيت
الذي لا يعرفه بعض منا أن إسرائيل دولة في داخل جيش. وما يعرفه الجميع أن إسرائيل أمنياً واقتصادياً وعلمياً واستخباراتياً و(أخلاقياً) مسيجة بقوة ونفوذ الولايات المتحدة الأمريكية. لو سألني أحدهم ما هي إسرائيل أستطيع القول إنها (جيش ومخابرات والولايات المتحدة الأمريكية)، ما الذي أعنيه بقولي دولة داخل جيش. لن أحيلك على تاريخ اسبرطه SPARTA فجامعة أكسفورد البريطانية سوف تقدم فكرة سريعة عنها.

كثير منا يعرف جامعة أكسفورد البريطانية. جامعة عريقة وشهيرة ومعتبرة مقرها مدينة بريطانية اسمها أكسفورد ولولا وجود هذه الجامعة لاختفت تلك البلدة أو ربما لا يبقى منها سوى قرية صغيرة لا قيمة لها.


إسرائيل بخلاف دول وشعوب العالم لا تملك حق الضعف. لكي يتضح قولي هذا دعنا نأخذ حال الصومال اليوم. تعيش هذه الدولة الأفريقية في أضعف حالتها، ورغم ذلك لا يشعر شعبها بتهديد يطال وجودهم، بينما إسرائيل في حال ضعف جيشها أو تخلت عنها أمريكا لا يعلم إلا الله ما سيحل بها. إسرائيل دولة لا تملك مقومات البقاء الطبيعية التي تملكها كل شعوب الأرض. لكي تتضح الصورة علينا أن ننظر للحدود السعودية مع اليمن. على طول الحدود بين الدولتين سنلاحظ أن سكان اليمن وسكان السعودية هم في الواقع امتداد لبعضهما بعض. نفس الدين ونفس اللغة ونفس العادات ونفس التاريخ. وإذا انتقلنا إلى حدود السعودية مع الأردن والعراق والكويت ودول الخليج الأخرى سنرى العلاقات ذاتها. نفس العادات نفس الدين ونفس التاريخ... إلخ وإذا انتقلنا إلى الحدود الأردنية السورية العراقية سنرى المظاهر ذاتها: نفس العادات والثقافة وغيرها من الوشائج القوية. عندما ننتقل إلى الحدود السورية التركية أو الحدود العراقية الإيرانية رغم اختلاف اللغة سنرى تشابك الأعراق والعادات والثقافة والتاريخ المشترك. وعندما ننظر إلى الحدود الإيرانية مع أفغانستان أو أذربيجان سوف نرى مشتركات ثقافية ودينية وعرقية وهذا ينطبق على أفغانستان مع الصين والصين مع كوريا الشمالية وكوريا الشمالية مع كوريا الجنوبية. لو لففت العالم ستجد أن كل شعب له علاقة متينة ومتداخلة مع الشعوب المجاورة له فيما عدا إسرائيل لا أدنى علاقة لها مع جيرانها: لا دم ولا تاريخ مشترك ولا لغة ولا دين بل لا شيء يجمع إسرائيل بأي أمة على وجه الأرض. شعب منبت مقطوع لا أقارب له، وجود إسرائيل مرهون بجيشها والولايات المتحدة فقط.

تحاربت المملكة مع الحوثيين سنوات دون أن تفجر في الخصومة على الصعيدين الميداني والسياسي، رغم تدني قدرات الحوثيين مقارنة بقوة الجيش السعودي، والسبب أن السعودية تحارب بأقصى درجات الحذر الأخلاقي لكي لا تؤذي الإنسان اليمني، فالشعب اليمني امتداد طبيعي للشعب السعودي. هذا الحذر الأخلاقي لا تملكه إسرائيل عند محاربة الفلسطينيين أو أي شعب آخر، ليس لأن الإسرائيلي شرير بالفطرة، ولكن وضع إسرائيل يجبرها أن تستخدم (القسوة). إذا استخدمت القوة المقرونة بالعطف لن يشفع لها هذا، فموقف الفلسطيني وجيران إسرائيل لن يتغير ومستحيل أن يتغير. لا أحد يستطيع أن يغير التاريخ والجغرافيا.

كل رصاصة تطلقها إسرائيل لا تدافع بها عن قطعة أرض أو بسبب خلاف سياسي كما يحدث بين الشعوب كافة، هي في حقيقة الأمر تدافع عن صميم وجودها. لا تملك إسرائيل حق الضعف كما هو مآل كل الشعوب. لتبقى يجب أن تتمترس خلف قوة عاتية استثنائية وإلى الأبد.