-A +A
بشرى فيصل السباعي
كنت قد تناولت بمقال سابق بعنوان «كيفية جعل رابطة العالم الإسلامي تفوز بجائزة نوبل» أهمية أن تحصل رابطة العالم الإسلامي على جائزة نوبل للسلام لكي تأخذ مكانها بين المؤسسات المؤثرة دولياً بالإعلام العالمي والرأي العام العالمي، وأن الوسيلة لحدوث ذلك تكمن بما يتجاوز المبادرات المعنوية والفكرية إلى المساعي العملية لأن جائزة نوبل لا تمنح إلا على المساعي العملية التي تثمر نتائج على أرض الواقع، وبعد القرار الذي أصدرته حكومة طالبان مؤخراً بحرمان الإناث أي نصف شعبها من التعليم وهن النصف الأكثر تفوقاً تعليمياً- ويتضمن منعهن تعلم الطب فمن سيعالج النساء ويقوم بعمليات الولادة؟- والاستنكار العالمي الذي لقيه هذا القرار أصبح أمام رابطة العالم الإسلامي مسعى وغاية تحقيقها بحدود الممكن ويمكن أن تكافأ بجائزة نوبل وتنقذ نصف شعب من التجهيل الإجباري وحرمانهن من فرصة انتشال أسرهن من الفقر بعملهن، كما أن سمعة هذه السلوكيات المعادية للنساء بأي مجتمع مسلم تضر كل الدول المسلمة وخططها الاقتصادية بالسياحة واستقطاب رؤوس الأموال والكفاءات الأجنبية بسبب الانطباعات المعممة المنفرة عن الثقافة الإسلامية وسلوك الرجال المسلمين، ولذا يرجى أن لا تكتفي الرابطة باستنكار قرار طالبان وتتجاوزه لإنشاء لجنة من الفقهاء يتم إيفادها لمحاججة مسؤولي طالبان وإقناعهم بعدم وجود مسوغ شرعي لمنع تعليم الإناث وأنه يشوه الإسلام وينفر الناس عنه، وإن تحججوا بعدم وجود منشآت معزولة للطالبات فيمكن أن تمول رابطة العالم الإسلامي إنشاءها، ولحين انتهائها يتم إقناعهم بعدم تعطيل المسيرة التعليمية للطالبات بفتح التعليم عن بُعد لهن وتمويل توزيع أجهزة مجانية للطالبات الفقيرات، وتقديم ابتعاث للأفغانيات للدراسة بدول لديها جامعات منفصلة للبنات، وتقنعهم بأن إلزام النساء بمحرم للخروج من البيت بدعة لم تحصل بحياة النبي، وهذا ليس فقط لمصلحة النساء وأسرهن التي ستستفيد من تعليمهن وعملهن فكامل المجتمع لن يخرج من الحلقة المغلقة للتطرف والعنف والحروب والإرهاب إلا بإعادة التوازن الفطري للمجتمع بتغيير ثقافة «الذكورية السامة» بإنصاف النساء، وأفغانستان لا تعاني من تعرض الإناث للتحرش والاغتصاب ولا ظاهرة بالإنجاب دون زواج، إنما المشكلة بأفغانستان ظاهرة ووباء تعرض الأطفال والمراهقين الذكور للتحرش والاختطاف والاغتصاب والاستعباد الجنسي العلني من قبل الرجال الذين يتفاخرون ويستعرضون بهم بعد إلباسهم ملابس وحلي النساء وتسمى الظاهرة «Bacha bazi-باشا بازي» وباستمرار تنشر أخبار اغتصاب الأطفال والمراهقين الذكور داخل مدارسهم حتى الدينية من المدرسين والمديرين، وكثير من الأهالي يمتنعون عن إرسال أبنائهم الذكور للمدارس إن كانوا لا يستطيعون مرافقتهم من وإلى المدرسة لشيوع اختطاف الذكور، بينما يتركون بناتهم يذهبن لوحدهن فلا أحد يتعرض لهن، ورغم افتضاحها عالمياً بالأفلام الوثائقية لا توجد إجراءات لردعها، ولا يزال الهوس موجهاً للمزيد من بدع حبس النساء وإلغاء وجودهن والتي لم تحصل بعهد النبي، وهذا تماماً سبب انتشار هذا الانحراف الجنسي الجماعي. ذكرت كتب التفسير أن سبب الشذوذ بمدينتي «سدوم وعمورة» التي بعث النبي لوط إليهما أن اهلها كانوا متشددين دينياً وفصلوا النساء عن الرجال وجعلوا النساء بقرية والرجال بالقرية الأخرى، والعائلات الأفغانية الفقيرة تضطر لإجبار إحدى بناتها على حلاقة شعرها واتخاذ هوية ذكر ليمكنها الخروج من البيت وقضاء حوائج الأسرة والعمل بعد قرار منع خروج الإناث دون محرم ومنع عملهن، متى سيسود التحضر الواعي بدل التخلف والجهل والهوس والعصاب الجنسي وجاهلية وأد الإناث مادياً ومعنوياً، وتتم معاملتهن كإنسان له حق بالعدل بالمعاملة؟ بلدان نساؤها وصلن للفضاء، وبلدان نساؤها لا يستطعن مغادرة البيت، ويتساءلون لماذا كثر إلحاد المسلمات واستماتتهن للهجرة للغرب؟