-A +A
بدر بن سعود
يوم 17 نوفمبر الحالي نشرت هذه الصحيفة خبراً منقولاً عن السفارة السعودية في الهند، وفيه أن المملكة قررت إعفاء المواطنين الهنود من شرط شهادة الخلو من السوابق، وذلك عند التقديم على تأشيرة السفر، ويأتي السابق في إطار تعزيز العلاقة بين الدولتين، وتقديراً لمساهمات العمالة الهندية في المجتمع المحلي، وهذه العمالة تزيد أعدادها عن مليوني عامل من الجنسين، وتمثل ما نسبته 20% من إجمالي القوة الأجنبية العاملة في الداخل السعودي، والتي تصل أرقامها، وفق آخر الإحصاءات، إلى قرابة عشرة ملايين من مختلف الجنسيات.

شهادة الخلو من السوابق الجنائية تأخذ وقتاً لاستخراجها وفيها تعطيل غيرمرغوب، وقد كانت بعض الدول الآسيوية، في فترة سابقة، تعطي شهادات غير صحيحة لمعالجة مشكلة تكدس سجونها بالمجرمين، وكان الحل في تمكينهم من السفر إلى دول الخليج تحديداً، بلا تأهيل اجتماعي أو مهني وعلى فيزا عامل، بخلاف أن بعض دول تصدير العمالة، قبل البصمة، كانت تتسامح مع تغيير الشخص لاسمه عشرات المرات، إما لتجاوزعقبة السوابق الجنائية في بلده، أو حتى يعود إلى العمل في نفس الدولة الممنوع من دخولها.


بالتأكيد الإعفاء لا يستثني المقيمين في الأراضي السعودية من الإبعاد القضائي والإداري، ولمدة ثلاثة أعوام أو بشكل نهائي، والذي يتم في حالة صدور حكم جزائي عليهم، وفق ضوابط محددة، ويبعد المقيم إذا ثبتت إدانته في قضية أخلاقية، ولو كان ارتكابها قبل عشرين عاماً، وأصحاب السوابق ليسوا مجرمين بالضرورة، وقد يكون المجرمون بلا سوابق، لأنهم نجحوا في الإفلات أو الالتفاف على القانون.

الإعفاء من سجل السوابق إجراء موفق تماماً، وينسجم مع حقوق الإنسان الأساسية، ومن الشواهد، أنه في انتخابات الرئاسة الأميركية لعام 2020، تم منع أصحاب السوابق في ولاية فلوريدا من التصويت حتى يسددوا الغرامات المطلوبة عليهم، وكانت النتيجة قيام حملة تبرعات لكفالة حقهم في التصويت، والحملة شارك فيها 44 ألف أمريكي بينهم شخصيات عامة ومشاهير، وقد تمكن هؤلاء من جمع 20 مليون دولار، وهو ما أتاح التصويت لأغلبية الممنوعين.

لعل الأنسب أن تعمل السلطات المختصة على توسيع دائرة الإعفاء، وبطريقة تستوعب كل دول العمالة المتعاونة مع مكاتب وشركات الاستقدام السعودية، وكذلك استثمار الفرصة لمراجعة القرار الوزاري الصادر في 2010، والقاضي بعدم شطب السابقة الجنائية على المواطن السعودي إلا بعد خمسة أعوام من تنفيذ العقوبة، واستبدالها بالشطب الفوري المقيد بإنهاء المدة المقررة لتنفيذ العقوبة، وبما يساعده في إعالة نفسه والبحث عن وظيفة حكومية أو خاصة، ويحترم حقه في تكوين عائلة، وأتمنى لو يعطى سجل الحالة الجنائية الذي يحتفظ بكل السوابق وإن شطبت درجة سرية عالية، ولا يكون الرجوع إليه إلا عند التوظيف في القطاعات الحساسة وللمختصين وحدهم.