-A +A
عبداللطيف الضويحي
تقوم العلاقات بين الدول على مرتكزات ومحددات يكفلها القانون الدولي بعمومها، لكن الكثير من العلاقات الدولية تتمايز بعضها عن بعض بما تمليه مصالح الدول ذاتها، فكلما زادت وتوسعت مروحة هذه المصالح، توشجت الروابط بين الحكومات والشعوب وتقاربت وتلاقت سياسات تلك الدول. الدول العربية بطبيعة الحال، ليست استثناء من هذه القاعدة، فهناك الكثير من المصالح المشتركة بين كل دولة عربية وأخرى بجانب الكثير من المقومات الأخرى. فعناصر التكامل الاقتصادي الثنائية متوفرة، كما أن عناصر التكامل الاقتصادي قائمة ومتوفرة بين مجموعات من الدول العربية مثلما هو مع مجموعة دول حوض النيل، ومجموعة دول الهلال الخصيب، ومجموعة دول المغرب العربي، ومجموعة دول الخليج العربي، بجانب عناصر التكامل الاقتصادي بين الدول العربية مجتمعة.

لقد باءت بالفشل أغلب المحاولات الوحدوية العربية في التاريخ الحديث، لافتقار أغلبها إلى النضج من ناحية، ولأنها لم تتخذ الاقتصاد والمصالح الاقتصادية منطلقاً وقاعدة لتلك المحاولات. ولذلك نجحت تجارب مثل تجربة الاتحاد الأوروبي الوحدوية لأن أساسها اقتصادي ومنطلقاتها اقتصادية.


فهل تكون العواصم العربية محطات قادمة لقطار الرؤية السعودية 2030، بعد كل ما حققته المملكة من منجزات وبعد كل ما سجلته من مؤشرات على مستوى مجموعة العشرين وعلى مستويات عالمية وإقليمية؟ وهل تتبنى المملكة المدخل الاقتصادي لدعم وتمكين الدول العربية الشقيقة، بعد أن أعلن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة قيام صندوق الاستثمارات العامة بتأسيس (5) شركات إقليمية تستهدف الاستثمار في كل من المملكة الأردنية الهاشمية، ومملكة البحرين، وجمهورية السودان، وجمهورية العراق، وسلطنة عمان؛ وذلك بعد إطلاق الشركة السعودية المصرية للاستثمار في شهر أغسطس الماضي؛ حيث ستبلغ قيمة الاستثمارات في هذه الدول نحو 90 ملياراً وفي عدة قطاعات استراتيجية بينها، البنية التحتية، والتطوير العقاري، والتعدين، والرعاية الصحية، والخدمات المالية، والأغذية والزراعة، والتصنيع، والاتصالات والتقنية، وغيرها من القطاعات، حيث جاء هذا الإعلان في اليوم الثاني من النسخة السادسة لمبادرة مستقبل الاستثمار المنعقدة في العاصمة الرياض.

إن ما يتمتع به صندوق الاستثمارات العامة السعودي من مهنية وخبرة مرجعية جعلته محل ثقة وسمعة واسعة، وهذا ما يؤكده سجل النجاحات لهذا الصندوق كأحد الأذرع التنفيذية لتحقيق رؤية المملكة 2030 داخل المملكة وخارجها. وإن المؤشرات تدل على أن هذه الشركات الاستثمارية الست سيكون لها شأن اقتصادي عربي كبير خلال المرحلة القريبة القادمة.

لدى المملكة الكثير مما تستطيع أن تقدمه للدول العربية، ولدى الدول العربية الكثير مما يمكنها أن تتكامل به التجربة السعودية سواء في المجال التنموي أو المجال الاستثماري. بعض الدول العربية تحتاج كل شيء وخاصة الإدارة، ولذلك تجد دولاً عربية تعاني من ارتفاع نسب الفقر والبطالة على سبيل المثال، بينما هي دول غنية بمواردها الطبيعية المتنوعة.

إن فرص نجاح الشركات الاستثمارية السعودية في الدول العربية كبيرة جداً، نظراً لمجالات التكامل المتعدد بين التجربة المهنية السعودية العالية في مجال الاستثمار من ناحية، و احتياجات بعض الدول العربية اقتصادياً واجتماعياً ومعيشياً. فليس سهلاً أن تجذب المستثمرين والاستثمارات الأجنبية، والدول تبذل جهوداً وأموالاً لجذب الاستثمارات الأجنبية، لكن الاستثمار والمستثمرين بحاجة دائماً إلى بيئة قانونية ورقمية وفنية آمنة لكي تزدهر الاستثمارات وتعطي ثمارها الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية المستديمة وتسهم في حل مشكلات الفقر والبطالة.