-A +A
حمود أبو طالب
يقول البعض، تعليقاً على حادثة الفساد الأخيرة في جامعة الملك عبدالعزيز، إن صدمتهم كانت كبيرة في هذه الحادثة بالذات لأنها وقعت في صرح تعليمي يُعنى بالإضافة إلى العلم غرس القيم والمثل والأخلاق والقدوة الحسنة والصدق والنزاهة في التعامل كي تتخرج منه أجيال صالحة في المجتمع، تخدم وطنها بأمانة وشرف.

أتفق مع هؤلاء بأن ما حدث في الجامعة فجيعة للكل، لكن الفساد هو الفساد في كل مكان، وضرره كبير على المتضرر أينما كان ومهما كان شكله. الفساد الصغير ليس أقل خطراً من الفساد الكبير، وفساد المليون أو حتى الألف ليس أقل ضرراً من فساد نصف المليار بمقياس النسبية. المواطن المتضرر في قرية بعيدة من فساد في مشروع حيوي ضرره يماثل ضرر الفساد في مشروع ضخم بإحدى المدن. لو حدث فساد في مشروع مركز صحي أو شبكة مياه أو طرق أو كهرباء في منطقة نائية وتعطلت تلك المشاريع أو خرجت بشكل مشوه ستكون معاناة أولئك البعيدين مضنية وتعبهم كبير. ولو طلب موظف فاسد رشوة من مراجع مسكين مبلغها ٥٠٠ ريال فإنها لا تفرق كثيراً عن رشوة بـ ٥٠ مليوناً يطلبها فاسد أكبر لمشروع بمليار في مكان آخر.


لقد كانت العيون سابقاً لا تلتفت إلى الفساد إلا إذا أطل برأسه وعنقه وباقي جسده، هذا إذا التفتت، لكنها الآن تبحث عنه مهما كان صغيراً وفي أي بؤرة كان. ومع علمنا أنه لا يمكن القضاء على الفساد نهائياً طالما هناك بشر، إلا أننا رغم الجهود الجبارة لمحاربته لدينا، ما زلنا بحاجة إلى تكثيفها وتعزيزها وتوسيع نطاقها، وما زلنا بحاجة إلى عقوبات أشد تجعل الفاسد يفكر ألف مرة قبل يتورط فيه.