-A +A
أنمار مطاوع
يرى كثير من المراقبين للعملية التعليمية العالمية أن التوجه لـ(التعليم عن بُعد) و(التعليم الهجين؛ الجامع بين الحضوري وعن بُعد) لم يكن وليد جائحة كوفيد19، ولكنه بدأ بشكل جاد مع بدايات الألفية الجديدة. وكان التوجه العالمي يميل لتغيير النظام التعليمي القديم ليصبح متواكبًا مع توجهات العالم الجديد. وكانت الأمم المتحدة -منذ سنوات- تحذر من أن (العالم يسير في طريق معاكس لأهداف التنمية المستدامة) إذا استمر على أسلوبه التعليمي التقليدي. لكن معظم الأنظمة التعليمية لم تعطِ الأهمية الكافية لذلك التحذير إلا حين جاءت الجائحة ووضعت القطاع التعليمي العالمي أمام الأمر الواقع.

تلك التجربة كشفت مدى عدم الاستعداد لتلك الخطوة المستقبلية في المؤسسات التعليمية. وبالتالي، ظهرت مشاكل صعبة التدارك: تفاعلية الطلبة، صعوبة جذب الانتباه، عدم القدرة على إدارة الفصل الافتراضي.. والأهم.. مهارة تحويل المادة العلمية إلى مادة تفاعلية تتلاءم مع التعليم عن بُعد. وكان التأثير مأساويًا. تشير الأبحاث المتخصصة عالميًا إلى أن (.. الطلبة أظهروا فقط 35% من المكاسب التي يحققونها عادة في الرياضيات، و60% في القراءة).. هذا بعض من كُل.


الدولة السعودية، بقيادتها الرشيدة، استشعرت الحاجة للتعليم عن بُعد -قبل الجائحة بسنوات-، فواكبت مستجدات العصر وأنشأت (المركز الوطني للتعليم الإلكتروني NELC)؛ للعمل على (.. رفع مستوى جودة تقديم خدمات التعليم الإلكتروني والتحديث والابتكار المستمر في المجال..) لتحسين مخرجات العملية التعليمية الإلكترونية والوصول إلى المستويات العالمية. هذا المركز الفريد، يساهم بشكل فعّال ومباشر في تنمية القدرات البشرية بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030 في الريادة الإقليمية.. والمنافسة الدولية. هو باختصار.. بوابة ذهبية تتيح فرص التعليم والتدريب المفتوح مدى الحياة للجميع في كل مكان وزمان. فهو يساعد الممارسين للعملية التعليمية على توفير خبرات تعليمية فعالة ومصممة خصيصًا للتوجه التعليمي العالمي.. عن طريق تدريب المعلمين في التعليم العام والعالي على كل ما له علاقة بالتعليم الإلكتروني؛ بما في ذلك إعادة تصميم المناهج الدراسية -إلكترونيًا- باحترافية عالية.. لتطوير العملية التعليمية وتزويد الطلبة بالمهارات والكفاءات والمعارف المطلوبة لسوق العمل.. بل ويعزز مسار المعلمين المهني بحصولهم على (الشهادات المهنية الاحترافية في التعليم والتدريب الإلكتروني) بأعلى المعايير العالمية.

التعليم أصبح هجينًا بين الحضوري وعن بُعد.. وعدم مسايرة هذا التوجه ستكون له عواقب كبيرة على عملية التعليم.. كما أن الدراسات العالمية تشير إلى أن (العودة للتعليم بشكله التقليدي هو نوع من السير في الاتجاه الخاطئ).

فهم العملية التعليمية المواكِبة للعصر والمتطلعة للمستقبل ليس مجرد معرفة بأصول التدريس.. ولكنه فن حقيقي لصناعة إنسان المستقبل.. و(المركز الوطني للتعليم الإلكتروني) هو الطريق الموثوق لمواجهة تحديات المستقبل لبناء مجتمع تعليمي.. عالمي.