-A +A
مي خالد
تعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية نظاماً أيديولوجياً؛ أي أنهم في إيران سيفعلون المستحيل لنشر أيديولوجيتهم ولا يقررون مصالح الجمهورية وفقاً للأمن القومي أو النمو الاقتصادي مثلاً.

في عام 1988، اغتالت الجمهورية الإسلامية الإيرانية خصومها في جميع أنحاء العالم وخاصة في أوروبا، وأرادوا اغتيال سلمان رشدي لانتقاده أيديولوجيتهم وليس فعلاً بسبب آيات شيطانية. ففي ذلك العام تحديداً كتبت الصحيفة الإيرانية «جمهوري إسلامي»: الخميني يدعو المسلمين في جميع أنحاء العالم لتنفيذ حكم القتل في رشدي.


لا يداخلني شك أن الموقف الإيراني من سلمان رشدي موقف سياسي وليس حساسية دينية، وإلا فكثير من المرجعيات الدينية في إيران يتناولون عرض النبي -صلى الله عليه وسلم- ومقام السيدة عائشة -رضي الله عنها- بمثل ما قال رشدي وأشد فحشاً ولم تصدر بحقهم فتوى بل لديهم قبول ديني وشعبي.

أما حين اغتيلت ابنة المفكر الروسي السكندر دوغين فلم يقل أحد من الغرب أن الفكر يجب أن يجابه بالفكر وليس القتل كما قالوا وكتبوا بعد محاولة اغتيال رشدي في نيويورك.

بل وصفوا دوغين بأنه عقل بوتين المدبر، وهو الذي يوسوس في أذنه، وأنه أخطر فيلسوف في العالم، وأنه صاحب الحركة الأوراسية الدولية. وهذه صفات أقرب للإجرام منها للتفكير أو الفلسفة! وهم بذلك في حالة تشفٍّ من بوتين والسكندر دوغين.

وكما أني لم أدافع عن سلمان رشدي في المقال السابق، فأنا كذلك لست معجبة بالسكندر دوغين وطموحه التوسعي، لكني ضد التناقض الغربي في المواقف.

أما عن علاقة إيران بالكسندر دوغين فقد شاهدت عدداً من الفديوهات لزيارات الكسندر لمخرجين وفنانين إيرانيين وزيارات في المراقد الشيعية في العراق وهو من الدعاة للتقارب الروسي الإيراني تحديداً، وشاهدته في برنامج تلفزيوني روسي ينعى الإرهابي الإيراني قاسم سليماني ويصف دوره البطولي في الحرب داخل سوريا!

ربما لهذا السبب قرأت لمغردين إيرانيين نعياً وحزناً شديداً وعزاءات موجهة للسكندر دوغين في وفاة ابنته.