-A +A
محمد الساعد
خلال الأسبوع الماضي بدأت الأجهزة الأمنية والسياسية الأمريكية حملة ضغط إعلامية «فاشلة» ضد إيران وحرسها الثوري.. فاشلة لأنها كانت مكشوفة وغير حقيقية، كان مستغرباً هذه الشجاعة الأمريكية الطارئة على البيت الأبيض الديموقراطي، فهم يتعاملون مع إيران بكثير من النعومة والخوف.

التسريبات عن محاولات اغتيال مسؤولين أمريكيين كبار أتت في إطار النقاشات النهائية قبل التوقيع على اتفاق نووي «أمريكي إيراني» وشيك، وكأن العالم فوجئ بتسريبات واشنطن وكأن إيران سترتدع، لكن إذا وضعناها في إطار الضغوط الأمريكية لدفع إيران في مفاوضات النووي فسنفهم أنها مجرد مناورات لا أكثر.


وللتذكير فإن محاولات الحرس الثوري اغتيال مسؤولين أمريكيين ليست جديدة، وما تتحدث عنه واشنطن اليوم جاء بعد مقتل قائد مليشيات الحرس الثوري قاسم سليماني 3 يناير 2020، ولعل العالم لن ينسى أن أقطاب الحزب الديموقراطي هاجموا مقتل الإرهابي سليماني في حينه، بالرغم من تورطه في مقتل مئات الجنود الأمريكيين في العراق.

يقول وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية أنتوني بلينكن: رسالتنا إلى إيران واضحة، لن نتسامح مع التهديدات بالعنف ضد الأمريكيين، وهذا يشمل بالتأكيد المسؤولين الحكوميين السابقين. أي هجوم سيكون له عواقب وخيمة.

الوزير الأمريكي الذي يشغل ثالث أهم منصب أمريكي - بعد الرئيس ونائبته - يطلق تهديداته ضد إيران وحرسها الثوري بعبارات ستذهب أدراج الرياح ولا تساوي قيمة الكتابة التي وثقتها.

نقول للسيد بلينكن: دعك من محاولات الاغتيال التي يخطط لها الحرس الثوري كل دقيقة، فهذا عمله منذ احتلاله سفارة بلادك في طهران، واحتجازه لعشرات الدبلوماسيين الأمريكان قبل أكثر من أربعين عاماً..

السؤال المهم؟ ما رأيك في عمليات قتل فعلية نفذها الحرس الثوري الإيراني ضد مئات الأمريكيين وليست مجرد تهديدات ما دمت حازماً هكذا، أما إن كنت صادقاً أيها الوزير فخذ بثأر مئات العائلات الأمريكية التي اغتيل أبناؤها وأحبتها بدم بارد بأوامر من أعلى سلطة إيرانية.

دعني أذكرك يا سيد بلينكن أنت وسيدك الرئيس جو بايدن وعرابكما باراك أوباما، ببعض الحوادث التي تخجل دولة من «دول الموز» لو حصلت لها أن لا ترد عليها.

في 23 أكتوبر 1983 ضربت شاحنتان مفخختان مباني في بيروت كانتا تؤويان جنوداً أمريكيين وفرنسيين من القوة المتعددة الجنسيات في لبنان (MNF)، كانت القوة الأمريكية تشارك في قوات حفظ السلام خلال الحرب الأهلية اللبنانية، أسفر الهجوم عن مقتل 307 أفراد، منهم 241 أمريكياً و58 عسكرياً فرنسياً ومدنيون أبرياء، فضلاً عن مئات الجرحى والدمار الهائل الذي لحق بالمنطقة المستهدفة، كل الدلائل أشارت بوضوح إلى تورط الحرس الثوري الإيراني في العملية.

وفي العام 1996 أسفر هجوم قام به إرهابيون يرتبطون بإيران والحرس الثوري وذراعهم في لبنان «حزب الله» - على مجمع سكني في الخبر شرق السعودية - عن مقتل وإصابة المئات من الخبراء الأمريكيين وأبرياء آخرين، أسفرت التحقيقات السعودية المكثفة عن إدانة مباشرة لطهران، أعدَّت الرياض ملفاً متكاملاً للسلطات الأمريكية في حينه وسلم لحكومة بيل كلينتون الديموقراطية، إلا أنها فضلت التغافل عن الجريمة الإيرانية وعدم ملاحقة حكومة طهران ولا الجناة، السعودية قامت بدورها كاملاً فقد لاحقت الإرهابيين واستعادتهم وحاكمتهم.

معالي وزير الخارجية الأمريكية أنت لا تحتاج لأن يقوم الحرس الثوري الإيراني باغتيال سلفك وزير الخارجية مايك بامبيو، ولا جون بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي سابقاً، ولا تحتاج لإطلاق تهديدات كاذبة للاستهلاك وإرضاء اللوبي الإسرائيلي، فقط افتح صفحة الوفيات في أرشيف وزارتك وستجد أسماء مئات الشباب الأمريكي الذي قتلتهم إيران بدم بارد في لبنان والخُبر والعراق وقم بواجبك في الاقتصاص لهم.